موسكو.. الإصلاحات والانتخابات دون الانزلاق إلى الفتنة

7 فبراير 2022
موسكو.. الإصلاحات والانتخابات دون الانزلاق إلى الفتنة

ينشغل المعنيون بترقب تطور الأحداث في المنطقة، مع إصرار المجتمع الدولي على إنجاز الإصلاحات المطلوبة وإجراء الانتخابات النيابية وقد تظهر ذلك في دعوة مجلس الأمن السلطة الى إجراء انتخابات حرة ونزيهة في موعدها في أيار المقبل. ويأتي ذلك ربطا باهتمام واشنطن المنصب على ملف ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل وفق مقترحات أميركية  ترضي إسرائيل ولا تغضب إيران وبالتالي حزب الله.  

 
بين زيارة الوسيط الأميركي المكلف إدارة مفاوضات الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين يوم غد إلى بيروت، وتأكيد لبنان تمسكه بالخط 29 لحدوده البحرية وذلك في رسالة أرسلها إلى مجلس الأمن، فإن الأكيد ، وفق مصدر مطلع على مسار التطورات الدولية – الاقليمية لـ”لبنان24″ أن ملف الترسيم سيرسم معالم المرحلة المقبلة على المستوى الرئاسي، خاصة وأن الجانب الأميركي يتوقع الاقتراب من الحل من الان حتى شهر آذار المقبل وبالتالي فإن أي اتفاق منتظر لن يكون خارج معادلة المقايضات المحلية- الاقليمية – الدولية مهما تعددت الروايات والرسائل حول الخطوط، فلعبة رفع سقف المطالب ستنتهي بالحصول  على الحد الأدنى  الذي يلاقي الخط 23 ،واستراتيجية القوى المعنية واضحة وتصب في خانة تحقيق المكاسب السياسية. 
 
وبين من يحاول تغيير قواعد الاشتباك في لبنان عبر مبادرات واقتراحات تصب في خانة  زيادة الضغط على حزب الله، فإن أي حراك عربي أو دولي في الوقت الراهن سيبقى في  إطار البيانات والمواقف، طالما أن الدول العربية عطفا على الدول الخليجية والغربية ترصد التعاطي”الحزبي” في لبنان مع اقتراب استحقاق الانتخابات النيابية ليبنى على الشيء مقتضاه، وبالتالي فإن لا تبديل في الموقف الخليجي من لبنان طالما أن المبادرة الكويتية حيكت بنودها بتنسيق خليجي – فرنسي – اميركي، ولاقت الى حد ما ترحيباً من روسيا، عبّر عنه البيان الذي صدر عن وزارة الخارجية الروسية عقب المكالمة الهاتفية لوزير الخارجية الكويتي، مجدي الظفيري بنائب وزير الخارجية الروسي، مخائيل بوغدانوف،  حيث أكد دعم الجانب الروسي للجهود الكويتية الهادفة إلى تطبيع الأوضاع في لبنان، كما تم تأكيد موقف موسكو الثابت لصالح وحدة الجمهورية اللبنانية وسيادتها ووحدة أراضيها واستقلالها ، وحل كل المسائل الوطنية عن طريق الحوار الشامل بمشاركة كل القوى السياسية والطائفية في البلاد.  
 تبدي روسيا قلقا حيال الأزمة الاجتماعية – الاقتصادية في لبنان. ولذلك فهي تتطلع إلى أهمية دعم المجتمعين العربي والدولي للبنان للخروج من أزمته وعدم استخدام لبنان ساحة لتصفية الحسابات والمصالح الاقليمية والدولية،مع اقتناعها بأهمية الحوار بين القوى الاساسية لحل القضايا المستعصية على الأجندة الوطنية وفق القانون ودون أي تدخل أجنبي والمحافظة على التوازنات الحالية. 
وبحسب مصادر روسية لـ”لبنان24″، فإن موسكو تحاول تطوير علاقاتها مع أكبر عدد ممكن من الدول لكي تتمكن من ان تواجه الضغوط الاميركية. وفي الشرق الاوسط تتعامل مع كل الاطراف على أساس النفع المتبادل. الا ان الدول التي تتفاهم مع روسيا بخصوص طبيعة المرحلة الراهنة والاهداف المطروحة سعيا إلى نظام متعدد الاقطاب، تعتبر شريكة أساسية لها وبهذا الصدد  لا بد من الاشارة بدرجة أولى الى الصين. 
في الشرق الأوسط، فإن التعاون الذي تطور بين روسيا وسوريا وحلفائها بهدف انقاذ الدولة السورية ومكافحة الارهاب يتعزز اليوم لتحقيق الاهداف المتنوعة وبدرجة اولى الاقتصادية منها، وفي هذا السياق شكلت القمة الروسية- الإيرانية التي عقدت مؤخرا ًخطوة نوعية دلت على توطيد التنسيق بين البلدين، بما يحكم القبضة الروسية على المفاصل الأساسية في بحر المتوسط.
وأمام ذلك، فإن السياسة الروسية في لبنان، بحسب المصادر نفسها، ترتكز على ضرورة معالجة الوضع الداخلي وإنجاز الاستحقاقات الدستورية وإجراء الإصلاحات المطلوبة من دون الانزلاق إلى الفتنة. وينبه المسؤولون الروس في هذا الإطار من التدخلات الخارجية التي تعرقل إيجاد القواسم المشتركة بين المكونات السياسية اللبنانية والمقصود بدرجة أولى التصرفات الأميركية التي تهدد الامن والاستقرار في الشرق الاوسط بشكل عام وفي لبنان بشكل خاص. 
وفق مصادر متابعة للدور الروسي، ثمة قناعة عند المسؤولين في موسكو، بأن ليس في وسع لبنان تحمل الضغوطات العربية والاقليمية، وبالتالي يجب إبعاده عن التجاذبات الخارجية، مع إشارة المصادر إلى أن تهويل بعض الأطراف المحلية في لبنان بالعمل لنزع سلاح حزب الله ولو بالقوة الدولية عبر وصاية أممية ضمن الفصل السابع خارج عن الواقع، فسلاح الحزب ودوره مسألة اقليمية. ورغم كل ما يجري في لبنان من ضغط وحصار ثمة اجماع دولي وغربي على  المحافظة على استقرار لبنان.