قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، “إننا اردنا لبنان أن يكون رسالة يتعايش مع محيطه العربي بالاحترام وأردناه ملتقى للحضارات، لكنَّ ضُعفَ المناعةِ الوطنيّةِ المعطوفَ على تَعدّدِ الولاءاتِ حَرَفَ رسالةَ لبنان، غير أنّنا نُناضل معًا لئلّا يَسترسِلَ لبنانُ في أن يكونَ ساحةَ صراعاتِ المِنطقةِ، ومِنصّةَ صواريخ، وجبهةَ قتال. ما تأسَّسَت دولة لبنان لتكونَ عدوَّةَ أشقّائِها وأصدقائِها، فلا نَجعلَــنَّها عدوّةَ ذاتِها”، معتبرا أن الاعترافَ بلبنانَ وطناً نهائيًّا يعني اعترافاً بثلاثِ ثوابت: نهائّيةُ ميثاقِ التعايش، ونهائيّةُ الدورِ المسيحيِّ، ونهائيّةُ الولاءِ للبنان دون سواه. باحترام هذا المثلَّث التاريخيّ نُنقذ وِحدةَ لبنان ونُثبِّت حِيادَه.
كلام الراعي جاء خلال عظته في القداس الالهي لمناسبة عيد مار مارون، في كنيسة مار مارون في الجميزة، وذلك في حضور رئيس الجمهورية ميشال عون، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
وشكر الراعي، عون “على تلبية دعوة المطران عبد الساتر كما نشكر برّي وميقاتي على قبولهما الدعوة وحضوركم يطفي على العيد بعديه الديني والوطني.
ورأى أن الموارنة لم يختروا لبنان الكبير صُدفة لأنهم اختبروا جميع أنواع الممالك والسلطنات وجرّبوا لبنان مع الاخوان الدروز وعرفوا حسنات كل الصيغ، لافتا الى أن الموارنة ميّزوا وطنهم بالتعددية الديمقراطية والدينية والتزام الحياد والسلام وفصل الدين عن الدول بصيغةٍ ميثاقية في اقتصادٍ ليبرالي بنظامٍ مصرفي.
وقال: في مناسبة هذا العيد الوطنيّ والدينيّ في آن، وبحضور قادة الدولة المحترمين، نتطلّع مع الشعب اللبنانيّ إلى خمس أولويّات وهي:
1) إجراءُ الانتخاباتِ النيابيّةِ والرئاسيّةِ في مواعيدِها الدستوريّة، فالشعبَ اللبنانيَّ، المقيم والمنتشِر، التائقَ إلى التغييرِ، يَتطلَّعُ إلى هذين الاستحقاقين ليُعبِّرَ عن إرادتِه الوطنيّة، فلا تخيّبوا آماله من جديد.
2) إعلانُ الحقيقةِ في تفجيرِ مرفأ بيروت، بعدَ مرورِ نحو عامين. وقد سمّي انفجار العصر، فلا يمكن أن يظلَّ التحقيق مُجمَّدًا وضحيّةَ الخلافاتِ والتفسيراتِ الدستوريّة، كأنَّ هناك من يَخشى الحقيقة؟
3) تسريعُ عمليّةِ الإصلاحِ والاتفاقُ مع صندوقِ النقد الدوليِّ على خُطّةٍ واقعيّةٍ متكامِلةٍ تُنقذ لبنانَ من الانهيارِ المتواصِل، وتُعيدُ إليه مُقوِّماتِ نهضتِه الاقتصاديّةِ والماليّةِ والإنمائيّة.
4) استكمال تطبيق اتفاق الطائف ومعالجة الثغرات الناتجة. والسعي إلى تطبيق قرارات مجلس الأمن من أجل تحقيق سيادة لبنان على كامل أراضيه. إذا استمرّ عجزُ الدولةِ عن ذلك، فلا بدَّ من الاستعانةِ بالأممِ المتّحدةِ لعقدِ مؤتمرٍ دوليٍّ يَضمَنُ تنفيذَ الحلولِ وسلامةَ لبنان.
5) اعتمادُ نظام الحِياد الإيجابيّ أساسًا في علاقاتِنا الخارجيّة، لأنّه ضمانُ وِحدة لبنان واستقلالِه وسيادتِه. فالحيادُ الذي نطالب به هو أصلًا عنصرٌ بنيويٌّ في تكوينِ لبنان وملازمٌ لموقِعَه الجغرافيَّ وتراثِه السلميّ.