“التهدئة” سارية… هل حُسِم التحالف بين “الوطني الحر” و”أمل”؟!

10 فبراير 2022
“التهدئة” سارية… هل حُسِم التحالف بين “الوطني الحر” و”أمل”؟!

رغم أنّ مناخ “التشكيك” بحصول الانتخابات النيابية في أيار المقبل، وكذلك بـ”النوايا المبيتة” لهذا الاستحقاق المُنتظَر من مختلف الأفرقاء في الداخل والخارج، لا يزال طاغيًا، إلا أنّ الواضح أنّ التحالفات الانتخابية بدأت تتبلور، أو بالحدّ الأدنى، بدأت تُبحَث بصورة جدّية في الكواليس، بين مختلف الأحزاب والقوى السياسية.
 
هكذا، فُهِم “الهدوء” على “جبهة” حزب الله والتيار الوطني الحر مثلاً، بعد أسابيع من الكباش، ومن الأخذ والردّ، كاد الوزير السابق جبران باسيل يعلن على أثرها “فكّ” التفاهم الموقَّع بين الجانبين، على أنه “تحضير” للموقعة الانتخابية، وقيل إنّ “التيار” وجد في نهاية المطاف أنّ التحالف مع “الحزب” لا بدّ منه، خصوصًا أنّ “الاشتباك” معه لم يحقق الغايات المنشودة، حيث لم تُشِر استطلاعات الرأي إلى أيّ “تحسّن” في الشعبية بنتيجته.
 
لكن، إذا كان “التيار” وجد أنّ التحالف مع “حزب الله” ضروريّ لخوض الاستحقاق، والمعروف أنّ “الحزب” متمسّك بتحالفه “الثابت” مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وحركة “أمل”، فهل يعني ذلك أنّ “التيار” سيتحالف مع الحركة، “انتخابيًا” على الأقلّ؟ وهل يمكن أن يتقبّل جمهور الفريقين مثل هذا التحالف، بعدما كانت “الحرب” تشتعل بينهما منذ أسابيع قليلة فقط، حين تصاعدت الاتهامات المتبادلة بصورة غير مسبوقة؟!
 
“حزب الله” يتوسّط
 
لا إجابة شافية حتى الآن على هذا السؤال، لكن الأكيد وفق التسريبات والمعطيات المتوافرة، أنّ “حزب الله” يعمل فعلاً في هذا الاتجاه، وأنّه يسعى بكلّ سبُل الإقناع الموجودة بين يديه، على جرّ حليفيه إلى “القفز” فوق الاختلافات والتباينات، على كثرتها، والتوافق على خوض الاستحقاق في “الخندق” نفسه، وذلك تحت عنوان “الضرورة”، علمًا أنّ التلاقي بين الجانبين سيقتصر على دوائر محدودة، ومقاعد محدّدة.
 
ورغم صعوبة المهمّة التي يعتقد كثيرون أنّها تندرج في خانة المهام “المستحيلة”، نظرًا لحجم “النفور” بين “التيار” و”امل”، الذي يتخندق جمهورهما في محاور “معاكسة”، تشير المعطيات إلى أنّ “الحزب” نجح في تحقيق “خرق أول” يمكن البناء عليه، وذلك من خلال إرساء “تهدئة”، أو ما يمكن اعتباره “هدنة إعلامية” بين الجانبين، حيث “انعدم” التراشق بينهما، حتى في العالم “الافتراضي”، خلال الأيام القليلة الماضية.
 
لكنّ هذا “الخرق” هو مجرّد خطوة في مسار معقّد وطويل، قد يتجاوز الألف ميْل، وفق ما يقول العارفون، ما يعني أنّ “الرهان” عليه قد لا يكون في مكانه، ولو أنّه دلّ على وجود “انفتاح” من الجانبين على الفكرة، بدليل عدم وجود معارضة مطلقة لها، وبالتالي عدم استخدام أيّ من الفريقين حقّ “الفيتو” لإنهاء المحاولة ودفنها في مهدها، ولو أنّ ذلك يأتي في سياق “التجاوب” مع مسعى “حزب الله” على الأرجح، لا أكثر ولا أقلّ.
 
كلّ الخيارات واردة
 
مع ذلك، يقول المطّلعون على أجواء الوساطة، إن جاز التعبير، أنّ كلّ الخيارات تبقى واردة، والسيناريوهات مفتوحة، علمًا أنّ “الضبابية” التي لا تزال تحيط بالمشهد الانتخابي للكثير من الاعتبارات والأسباب، يبدو أنّها تنعكس كذلك “برودة” في حسم التحالفات، ومن بينها تحالف “أمل” و”التيار”، حيث يفضّل الجانبان بطبيعة الحال “ضمان” مصير الانتخابات، قبل الغوص في تفاصيل خيار قد لا يكون “محبَّذًا” بالنسبة إلى جمهوريهما.
 
وثمّة من يعتقد أنّ التحالف وإن تمّ، فسيكون على طريقة تحالفات عام 2018 الانتخابية، يوم أطلق رئيس “التيار” الوزير السابق جبران باسيل مفهوم ما سمّي بـ”التحالف على القطعة”، والذي جاء تحت عنوان “المصلحة الانتخابية”، وكرّس بنتيجته تحالفات مع بعض الأفرقاء في دوائر محدّدة، ومنافسة مع الأفرقاء نفسه في دوائر أخرى، وفقًا للتحالفات، وقد يتكرّر الأمر بصورة أو بأخرى في هذه الدورة.
 
وإذا كانت دائرة صيدا-جزين لطالما كانت عنوانًا للصراع بين “أمل” و”التيار”، فإنّ كلّ المؤشرات توحي أنّ لا شيء يدفع إلى الاعتقاد أنّ هذه الدورة ستشكّل “استثناء” في هذا الإطار، ولو نجحت وساطة “حزب الله”، ما يعزّز وجهة نظر تبدو الأكثر واقعيّة بين كلّ ما يُحكى، وتقول إنّ ما يعمل عليه “الحزب” لن يكون أكثر من “مساكنة انتخابية” في بعض الدوائر التي يحتاج إليها الطرفان لبعضهما بعضًا، كبعبدا بدرجة أساسيّة، وكذلك جبيل.
 
يُقال إنّ السياسة “غدّارة”، وإنّها “فنّ المستحيل”، وإنّها تتخطّى دائمًا كلّ “التوقعات”. لعلّ العلاقة بين “التيار الوطني الحر” و”حركة أمل” تشكّل خير مثال. بين الفينة والأخرى، “تشتعل” الخلافات بينهما، ثمّ ما تلبث أن “تخمد” في لحظةٍ ما. قد تكون كلمة السرّ في كلّ ذلك هي “حزب الله”، الجامع بين الفريقين المتضادين، لكنّ الأكيد أنّ لا “ثابت” في السياسة، مهما قيل ويقال وسيقال!