أقل من مئة يوم تفصلنا عن إستحقاق الإنتخابات النيابية الذي يشكك البعض في حصوله، ويجزم آخرون بأنه سيجري لا محالة، نتيجة العصا الغليظة التي يرفعها المجتمع الدولي في وجه السلطة السياسية الحاكمة في لبنان.
القوى التغييرية تحاول ترك بصمة في هذا الإستحقاق الديمقراطي لكن محاولاتها المتكررة تبدو قاصرة حتى الساعة، فمَن صدحَ صوته في ساحات الثورة يرى نفسه نائباً عن الأمة، ومَن حرّر موقوفاً من الإحتجاز يرى نفسه نائباً عن الأمة، و مَن شارك في اجتماع لقوى تغييرية يرى نفسه نائباً عن الأمة، ومَن قدّم خدمات جلية في كتابة التقارير لأجهزة أمنية أو إعداد الدراسات لسفارات خارجية يرى نفسه نائباً عن الأمة، فيما الأمة اللبنانية تتخبط بين سندان أهل السلطة ومطرقة القوى التغييرية بحثاً عن الثوار الذين ملأوا الساحات واحتجبوا بعد تصّدر الوصوليين المشهدية.التحالفات الإنتخابية بدأت بكشف النقاب عن نفسها، فالحزب التقدمي الإشتراكي والقوات اللبنانية يبدو أنهما سيكونان في مركب واحد من دون أن يعني ذلك إزاحة التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي من المشهد العام، أما الثابت الوحيد حتى الساعة فهو إنكفاء تيار المستقبل، ما يثير شهية باقي أطراف المنظومة للإنقضاض على هذه الوديعة النيابية الدسمة، من دون التنبّه لما يُحاك في الأقبية الدولية من قرارات بحق لبنان.القوى التغييرية تجتمع دورياً وتكرر الأفكار وتدور في حلقات مفرغة، وهي عاجزة عن إقناع بضع مئات من النزول الى الشارع فكيف عساها تحصد الآلاف من الأصوات ؟ هذه القوى المنقسمة على نفسها نتيجة الموقف من بعض أحزاب المعارضة لن تقوم لها قائمة، ما لم تغير سلوكياتها التي تهدر الوقت الثمين، وما لم تضع رؤية مشتركة لتحجيم بعض المصابين بالإنتفاخ الثوري.