لا تحمل ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري مضامين سياسية هذا العام ، بل سيطغى عليها الطابع الوجداني واستذكار مآثر وإنجازات الشهيد بعدما افرغ الرئيس سعد الحريري ما في جعبته وقرر الانكفاء وتعليق عمل تيار المستقبل، وقابله شقيقه الأكبر بهاء باقتحام حلبة المبارزة سياسيا وعائليا.
يمكن القول بأن فرق شاسعا بين الفيضان الشعبي في 14 شباط 2005 والمشهد الباهت والكئيب راهنا، بحيث يبدو مصير البيت السياسي وتيار المستقبل، كما الزعامة الشعبية على المحك، وثمة من يعتقد او يراهن بأن الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات كفيلة بتظهير حالة التشظي السياسي والتشرذم ، بما يعني التصفية الشاملة وتحول المستقبل إلى كيانات سياسية متفرقة.
يسعى بهاء الحريري راهنا الى اغتنام الفرصة مجددا بعدما افلتت من يديه في المرة الأولى خلال ازمة شقيقه في الرياض خريف 2018، على أن الواقع السياسي لا يتيح المجال أمام بهاء الحريري لاستكمال مسيرة والده بل عليه الانطلاق من الصفر وحفر جبل الازمات بإبرة، إن اسعفه الحظ أو الظروف.
تشير معلومات إلى حالة من الحذر يتعامل بها بهاء الحريري مع المستنقع السياسي رغم شحن فريقه بالحماس من أجل لعب دور فاعل في المرحلة المقبلة ، لذلك تعمد إيصال رسالة إلى دار الفتوى مفادها نفي محاولة استغلال ذكرى ١٤ شباط والصدام مع أنصار المستقبل، على أن هذا الموقف قد لا ينسحب عن نية بهاء خوض السباق الانتخابي في مختلف المناطق اللبناني ، وهو يتحضر لاطلالات إعلامية مكثفة لتظهير مواقفه حيال مختلف جوانب عمله السياسي المنتظر.
بناء عليه ، يمكن الجزم بصراع محتدم بين تيار المستقبل وحركة “سوا للبنان” انطلاقا من ذكرى ١٤ شباط ، كونها تكرس انسحاب “التيار” من المسرح السياسي من ناحية في مقابل إطلاق بهاء الحريري الإطار السياسي التنظيمي لحركته من الناحية الأخرى، وما يتخلل ذلك من صراع مرير ضمن عناوين الحفاظ على ما تبقى من إرث رفيق الحريري السياسي و الشعبي او قضمه.
بالمقابل ، تشير معطيات الى عدم اقتصار حالة الصراع ضمن عائلة الحريري كون المرجعية السياسية لتمثيل السنة ابعد من ذلك بكثير، فلطالما عمد سعد الحريري إلى تحييد رؤوس حاولت تكوين مراكز نفوذ وحالات سياسية ضمن فريقه السياسية ، ما يعني بديهيا تفلتها من جديد ومحاولة تكوين تكتلات سياسية على “انقاض” تيار المستقبل.
هذا لا ينفصل عن محاولات بعض الحلفاء إظهار قوتهم الذاتية بغض النظر عن رافعة المستقبل، وتعتبر محافظة عكار نموذجا ساطعا بصفتها الخزان البشري الذي رفد كتلة المستقبل بالقوة والمناعة الشعبية منذ 2005 وحتى اليوم ، فيما يتم التسابق حاليا بين النائب وليد البعريني وزميله هادي حبيش على أحقية الاستفادة من العزوف السياسي والظفر بالاصوات التفضيلية من “كيس” المستقبل.
وفق خبراء في الشأن الانتخابي، فإن صراع الفريق الواحد يساهم في ضعضعة الحالة الشعبية وتشتتها في عكار ، خصوصا في ظل إشارات عن اصرار العشائر العربية عن ترشيح شخصية من صفوفها كشرط اساسي لرفد اللائحة بعشرات آلاف الأصوات، وذلك كنوع من إعادة الاعتبار بعد عقود من التهميش السياسي المعتمد.