قانون العفو العام يعود الى الواجهة.. فهل تنسفه التجاذبات السياسية؟

14 فبراير 2022
قانون العفو العام يعود الى الواجهة.. فهل تنسفه التجاذبات السياسية؟

تبرر العفو  العام  عادة  ظروف  اجتماعيّة  أو  سياسيّة  عدة  تحتّم  إسدال  الستار على  بعض  الجرائم، بغية  حذفها  من  ذاكرة الناس  واستئناف  الحياة  في مرحلة جديدة  لا  تعكّرها  ذكريات  تلك  الظروف  فهل  ان  ما يجري    عندنا اليوم  من  نقاشات  حول  اصدار  قانون  للعفو  العام  يراعي  بحد  ذاته  المعايير القانونية  تلك؟

النائب الاسبق غسان مخيبر اشار في حديثه لـ “لبنان 24”  إلى  وجود أكثر من مشروع واقتراح  قانون  للعفو العام  تم  تقديمه  من هيئات في المجتمع المدني  وكتل  نيابية إلى المجلس النيابي  لدراسته.
مخيبر اوضح  في حديثه ايضاً  “ان اي بحث في قانون للعفو العام  يجب أن يأخذ السياسة العقابيّة  للدولة  بعين الاعتبار وينظر إلى الواقع بكل جوانبه”.
واضاف: ” من الخطأ  بمكان  مقاربة  موضوع العفو العام  في  مجلس النواب  عشية  موعد الانتخابات  النيابية، وإلا  اعتبر الموضوع  من باب الرشوة الانتخابية، وبالتالي يصبح  الحديث عنه خارج اي معيار قانوني وبعيداً عن منطق العدالة.
 واضاف :”منذ  اكثر عشر سنوات وهناك حديث جار عن اصدار قانون للعفو العام، بعد القانون الذي صدر عام 1992  في عهد الرئيس الياس الهرواي، ولكن بالرغم  ذلك  فإن هذا القانون الذي طال انتظاره  لم  يصدر بعد، والسبب هو  وجود  مواقف  سياسية  متعارضة  جداً  بين  الكتل  النيابية  والقوى  السياسية  تمنع التوصل إلى  اقراره.”
مخيبر شرح في حديثه ايضاً الحالات التي يصبح  فيها اصدار قانون للعفو العام  ضرورياً  من اجل الصالح  العام  فقال:”من المعروف  ان قوانين العفو العام  لا تصدر إلا  في الحالات الاسثنائية  جداً، وهي تأتي لتكون  في اطار منظومة  لإقامة  العدالة،  وليس لضرب مبدأ الثواب  والعقاب  أو  الافلات من العقاب،  ولكن  هذا لا يمنع  ان  يكون هناك عفو عن  بعض الجرائم البسيطة  انما في اطار  ما  يعرف  بالاصلاح الجزائي”.
واضاف:”اما  بالنسبة  للجرائم الخطيرة مثل القتل والارهاب والتجسس والتعامل مع العدو، فأن الامر الطبيعي أن  تكون مستثناة  من العفو”.
مخيبر اعرب عن تخوفه من تكرار ما حدث عام 2005 عندما اتى قانون العفو الذي صدر في ذلك التاريخ  ليخرج من السجون  متهمين بقضايا  ارهابية واعتداء على المؤسسة العسكرية، وذلك في اطار صفقة سياسية جرت في ذلك الحين.
مخيبر اعرب  ايضاً عن  شكه  في  جدية  النقاشات التي  تدور اليوم  بين الكتل النيابية حول مشروع قانون للعفو العام  متوقعاً  عدم اقرار  اي  قانون للعفو العام  من  قبل المجلس  النيابي  قبل  موعد  الانتخابات النيابية  في ايار المقبل. واعتبر في حديثه  ان  كل  المبررات  التي  يطرحها البعض اليوم  لأصدار قانون للعفو العام ليست كافية، وفي مقدمتها  مسألة اكتظاظ  السجون.
 واضاف:”ان مسألة اكتظاظ السجون هي احد الاسباب الموجبة لإصدار قانون  للعفو العام  عندما  يتحول هذا  الاكتظاظ  الى  مسألة  مخالفة  لحقوق الانسان  كما  هو حاصل عندنا  اليوم ، ولكن بالرغم من  ذلك  فإن الحل الامثل  يبقى  بتسريع  محاكمة  هؤلاء  الموقوفين  بدل الافراج  عنهم، اذ ان ابقاء اشخاص في التوقيف الاحتياطي  لفترة طويلة من الزمن  دون محاكمة هي  بحد  ذاتها  مسألة  مخالفة  لمبدأ حقوق الانسان”.
واضاف قائلاً:”نحن  اليوم  في  لبنان  في نظام  عدالة  شبه منهار يجب ترميمه، صحيح  ان اصدار قانون للعفو العام قد يكون احد عناصر ترميم هذه العدالة،  ولكنه  ليس حتماً العنصر الوحيد، ولا يجب اعتباره هدفاً بحد ذاته  بل  يجب اعتباره جزءاً من عملية اقامة العدالة، والتاكيد على عدم الافلات من العقاب.
من جهته اوضح  رئيس مجلس الشورى الاسبق القاضي  شكري صادر في حديثه لموقع “لبنان 24″ الحالات التي يصبح فيها من الضروري اصدار قانون للعفو العام،  وذلك اجل  امن المجتمع  وسلامته، وقال في حديثه:” في  العادة  تصدر  قوانين  العفو  العام   بعد  خضات  يمر بها المجتمع  سواء كانت حرب اهلية  او  ازمة اقتصادية  كبرى  بحيث  تضعف  قبضة القانون او  تتلاشى  بشكل   كامل”.
 واضاف: “وبعد انتهاء  الاحداث  وعودة  الامور إلى طبيعتها  فأن الدولة  تجد نفسها امام امرين اما ملاحقة جميع المرتكبين الذين خالفوا القوانين  في تلك الفترة، او  عليها  ان  تأخد  بعين الاعتبار الظروف التي  كانت  سائدة  في  ذلك الوقت،  والتي  كان فيها الانقسام سائداً،  والجميع  كان  يعتبر  نفسه في حالة  دفاع عن النفس.  فتلجأ  عندئذ  إلى اصدار قانون للعفو للعفو العام،  وذلك  كجزء من عملية  استعادة  السلم الاهلي  كما  حدث  عام  1992  في عهد  الرئيس الياس الهرواي بحيث صدر قانون للعفو العام عن كل الجرائم التي ارتكبت  خلال  فترة الحرب الاهلية،  ولكن شرط عدم العودة  إلى  ارتكاب مثل  هذه الافعال  تحت طائلة  اسقاط  مفاعيل العفو عن المرتكبين، بحيث يستعيد  القضاء الحق  في  ملاحقتهم  عن  كل الجرائم  التي ا رتكبوها  قبل صدور قانون العفو العام.
صادر اوضح في حديثه ان هناك نوعين من قوانين العفو.
-الاول هو العفو العام، والذي يصدر بقانون، وهو يأتي ليمحي الجرم من اساسه  وكأنه  لم  يكن.
– اما الثاني  فهو العفو الخاص  الذي  يمحي العقوبة  او  يخفف من اثارها ، وهو يحتاج  لصدوره إلى  توقيع رئيس الجمهورية  فقط.
صادر اعتبر ايضاً  ان المطالبة  بقانون للعفو العام في الفترة التي تسبق الانتخابات النيابية  هي مطالبة  سياسية  اكثر منها  قانونية.
 واضاف:” ليس سراً القول ان قوانين العفو في لبنان تاتي عادة  لتراعي التوازنات  القائمة  في  البلد  بدل ان تكون  ذات خلفية  اصلاحية اجتماعية. كما هو  حاصل اليوم  من خلال  مطالبة  بعض القوى السياسية  والطائفية بأن يشمل العفو العام جميع الموقوفين الاسلامييين المتهمين  بجرائم ارهابية بحق المؤسسة العسكرية.
“صادر  حمّل  في  حديثه الحكومات المتعاقبة  مسؤولية  افساح المجال  لبعض القوى السياسية  والطائفية  للإسسثمار السياسي في هذا الملف،  وذلك من خلال  عدم  الاسراع  في  محاكمة هؤلاء المتهمين  الذين  مضى على  توقيفهم اكثر  من عشر  سنوات  دون محاكمة.
 وقال ايضاً:”لا يجوز لأي  قانون عفو ان يشكل معبراً  للمضي في ارتكاب المزيد من المخالفات مهما  كانت هذه المخالفة  بسيطة  كما هو حاصل  اليوم في  قانون  تسوية  مخالفات البناء على سبيل المثال، بحيث يمضي المخالف  في مخالفته، وهو مطمئن إلى ا ن الامر سينتهي  بغرامة  مالية  مع بقاء المخالفة على حالها،  في حين ان المطلوب  هو ازالة المخالفة  من اساسها وردع المرتكب عن تكرار مثل هذا الجرم”.