الحراك القضائي يهدد الانسجام الحكومي والسلم الاهلي

17 فبراير 2022
الحراك القضائي يهدد الانسجام الحكومي والسلم الاهلي

بعد محاولتها توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، انتقلت القاضية غادة عون لفتح معركة جديدة ضد المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، الامر الذي ادى الى  ردود فعل من قوى سياسية متعددة، واوحى بإمكان تحول الحراك القضائي الى ازمة سياسية كبرى في لبنان.

 
كانت لافتة خطوة عون في لحظة سياسية بالغة الحساسية، اذ يبدو أنها تعمل وفق اعتقادها، على تضييق الخناق والخيارات على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووضع عراقيل تحول دون احتمائه بالاجهزة الامنية مع ما يستتبع ذلك من نتائج.
 
خطورة ما حصل من قبل عون بالادعاء على عثمان انه جاء بعد انسحاب “تيار المستقبل” من الحياة السياسية، وانه مدعوم سياسيا من عهد الرئيس ميشال عون، ما يعني ان الخطوة ستظهر كأنها محاولة استغلال للفراغ السياسي السني للاقتصاص من بعض المواقع والشخصيات. 
 
هذه الفرضية تثبتها ردة الفعل السريعة من “تيار المستقبل” الذي، وبالرغم من انسحابه من الحياة السياسية، اصدر بيانا واضحا للتنديد بخطوة القاضية عون والتصدي لها سياسيا، اذ ان الحراك القضائي ضد رياض سلامة لا يشكل حساسية مذهبية او طائفية علما ان الرجل يعتبر من دعائم الحريرية السياسية، غير انه بالمفهوم اللبناني يشغل “منصبا مارونيا”. 
 
الاخطر ان اصرار عون على خطوتها ودعم “التيار الوطني الحر” لها قد يجر الى مزيد من التوتير الطائفي و قد يتحول الصراع الى سني -مسيحي، اذ لا تبدو القوى السياسية السنية في موقع القبول بمثل خطوة المس بمدير عام قوى الامن الداخلي خصوصا في لحظة سياسية كالتي تمر بها الطائفة.
 
هذا الكباش الذي قد يتمدد ويطول سيؤثر على الانسجام الحكومي بشكل او بآخر، وسيكون ضربة جدية في مسيرة الانقاذ الذي رفعت الحكومة شعاره منذ تأليفها، وسنكون امام مرحلة مليئة بالخلافات داخل مجلس الوزراء بالتوازي مع التفاوض الحاصل مع  صندوق النقد الدولي. 
 
حتى اللحظة لا تبدو مواقف القوى السياسية واضحة، لكن الاكيد ان “التيار الوطني الحر” يقف الى جانب القاضية غادة عون في حين ان “حزب الله” يقف نسبيا على الحياد، اذ انه ليس في وارد الدخول بمعركة تستفز الرأي العام السني كما انه لن يدعم اي خطوة تعرض الواقع الامني الاهتزاز. 
 
في المقابل لا يجد الحزب التقدمي الاشتراكي نفسه الا الى جانب” تيار المستقبل” وهذا ينطبق على “حركة امل”، ما يعني ان لبنان قد يدخل خلال الايام والاسابيع المقبلة بأزمة سياسية بالغة الخطورة في لحظة سياسية حساسة.