كتبت كلير شكر في” نداء الوطن”: إذا ما افترضنا أنّ خطة وزير الطاقة وليد فياض لقطاع الكهرباء قد سلكت طريقها إلى النقاش البنّاء قبل إقرارها في مجلس الوزراء لتأمين السلفة التي يطلبها الوزير، ولم تغرق في مستنقع الاعتراضات بعدما نسفها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن «بكرة أبيها» لكونها استمراراً لسياسة الخطط الوهمية والوثائق الأكاديمية غير القابلة للتطبيق… فإنّ الخطوة الثانية ستكون قطاع الاتصالات.يُنتظر أن يدعو رئيس الحكومة إلى جلسة خاصة بالقطاع لدراسة واقعه وهو الذي يكاد يصير عبئاً على الخزينة العامة بعدما كان دجاجة تبيض ذهباً، وتحديداً قطاع الخلوي، وكل ذلك بهدف رفع أسعار الاتصالات. أقلّه هكذا يوحي كلام وزير الاتصالات جوني قرم وأداؤه.مذ تعيينه، لم يعد الوزير المعني بتقديم أي خطة إصلاحية من شأنها أن تثبت أنّه بمقدور الدولة أن تكون مديراً ناجحاً بعد استرداد إدارة القطاع من الشركات الخاصة. جلّ ما يحاول قرم تقديمه هو الدفع باتجاه إنشاء الهيئة الناظمة لاقتناعه أنّها صاحبة الاختصاص في إدارة القطاع كونها تتمتّع بالقدرة على الاستمرارية للإشراف على تنفيذ أي خطة قد تضعها، فيما رحلة الوزير، محدودة.
إلى الآن، لم يتبيّن وجود قاعدة علمية من شأنها أن تحدد التعرفة الجديدة، وكلّ الاقتراحات المتداولة ترتبط بارتفاع سعر الصرف وكأنها عملية حسابية صرف، ولو أنّ وزير الاتصالات يتحدث عن خفض قيمة الفاتورة لكنه بالنتيجة يعود إلى سعر منصة صيرفة، مع العلم أنّ القواعد العلمية تقتضي بتحديد التعرفة على أساس الكلفة، زائد الأرباح المرجوّة، مع الأخذ بالاعتبار الوضع المعيشي والاقتصادي للمستهلكين بشكل يضمن استمرارية الخدمة لا تراجعها في حال ارتفاع الأسعار. ولكن أن يتمّ وضع الميزانية على أساس انخفاض سعر الصرف ففيه شيء من الاستخفاف.بالتوازي، يفترض أن يكون قرار رفع التعرفة مقروناً بخطّة إصلاحية من شأنها أن تخفّض فاتورة المصاريف، بقيمتها الحقيقية وليس الاتّكال على انخفاض سعر الصرف للتذرّع بانخفاض قيمة الفاتورة، لأنه في حال ارتفاع سعر الصرف من جديد فهذا يعني ارتفاع الفاتورة من جديد، فضلاً عن كون بعض المصاريف (ايجارات المحطات مثلا) قد ترتفع من جديد.
وفي هذا السياق، رأى المدير العام السابق لشركة «تاتش» وسيم منصور في دراسة نشرتها «المفكرة القانونية» أن «هناك حاجة لتعديل التعرفة وبالتالي رفع أسعار الاتصالات بما يتوازى مع القدرة الشرائية للمشتركين، وفي الوقت نفسه تأمين استمرارية هذه الخدمة. إلّا أنّ أيّ توجّه لرفع هذه الأسعار من خلال آلية سعر الصرف بدلاً من تعديل تعرفة الاتّصالات وبمعزل عن خطّة لتخفيف النفقات المُضخّمة في الشركتين المشغلتين يصبح مرفوضاً، وإمعاناً في النهج السيّئ نفسه الذي حكم هذا القطاع، وعبئاً إضافياً على المستهلكين، من دون أن يترافق بالضرورة مع تحسين الخدمة وزيادة المداخيل، خصوصاً إذا خفّ عدد المستهلكين والاستهلاك.