أربعة كتل مسيحية كبرى

22 فبراير 2022
أربعة كتل مسيحية كبرى

إحدى نتائج الانتخابات النيابية المقبلة المروفة سلفا هي انتهاء فكرة “الفريق المسيحي القوي”، اذ لن يعود هناك وحود لتكتل نيابي مسيحي يعتبر نفسه الاقوى والاكبر، كما كان حال “التيار الوطني الحر”في السنوات الماضية، اي منذ العام 2005، حين استطاع ايصال العدد الاكبر من النواب المسيحيين الذين فازوا بأصوات المسيحيين.

فكرة المسيحي القوي روّج لها “التيار الوطني الحر” في السنوات الماضية من اجل ايصال الرئيس ميشال عون الى بعبدا، وظنا منه ان الكتلة الكبيرة ستبقى من حصته فكان يطالب بأن يكون “القوي في طائفته” صاحب المنصب الدستوري التابع لها، وهذا ما لم يعد على الارجح من مصلحة “ميرنا الشالوحي”، اذ يبدو ان التطورات اعادت تشكيل القدرات الشعبية للقوى السياسية المسيحية ومنها “التيار الوطني الحر”، وبات من الصعب الحديث عن فريق قوي وآخرين ضعفاء، بل ان الساحة المسيحية قد تنقسم الى اربعة كتل نيابية متوسطة الحجم، بدل ان يكون هناك تكتل واحد هو الاكبر.
التكتل الاول هو تكتل “التيار الوطني الحر” وحلفائه والذي من المتوقع، وبحسب الاستطلاعات، الا يتخطى عدد اعضائه العشرين نائبا في حال تحالف مع “الثنائي الشيعي” في مختلف الدوائر. مشكلة هذا التكتل، بالنسبة للعونيين، انه سيكون من بين اعضائه عدد لا بأس به من النواب المسيحيين الذين وصلوا بأصوات غير مسيحية، مع ما يستتبع ذلك من ازمة تصيب الخطاب السياسي التقليدي لـ”التيار”.التكتل الثاني هو تكتل” القوات اللبنانية” الذي لن يتجاوز العشرين ايضا، علما ان بعض المتخصصين يؤكدون انه في حال لم تجد “القوات”حلفاء جديين فإن كتلتها النيابية لن تتخطى الـ13 نائباً. خسارة “القوات” الاساسية انها لن تكون الكتلة الاكبر بين الكتل المسيحية، بل قد تكون الثالثة من حيث الحجم الامر الذي يقطع الطريق على طموحات سياسية كبرى للقوات.التكتل الثالث هو تكتل التحالف بين الكتائب والمجتمع المدني والذي قد يفوق بعدد نوابه عدد نواب كتلة القوات. في حال حافظ هؤلاء النواب على توحدهم فهم سيتمكنون من تكريس انفسهم كأمر واقع على الساحة المسيحية، والاهم ان جميع نواب هذا التكتل سيفوزون بأصوات مسيحية ما يعطيهم افضلية سياسية على نظرائهم في التكتلات الاخرى.
اما كتلة المردة وحلفائها فهي الاصغر نسبيا، خصوصا انها تمر اليوم بأزمات سياسية وتحالفية، غير انها ستكون قادرة على فرض وجودها بسبب الثقل الشخصي لرئيس المردة سليمان فرنجية وبسبب التحالفات الاقليمية والمحلية التي يعقدها فرنجية.قد تظهر الساحة المسيحية انها امام لحظة تشتت كبرى لكنها في الواقع امام اعادة تشكيل القوى الشعبية في ظل الانهيار الحاصل الاقتصادي والمعيشي، وهذا التشكل الجديد قد يكون مقدمة لتغييرات اكبر في السنوات المقبلة.