حقائق ثابتة.. هذا ما دفع المشنوق لـ”توديع النّيابة”

23 فبراير 2022
حقائق ثابتة.. هذا ما دفع المشنوق لـ”توديع النّيابة”

لم يكُن مفاجئاً إعلان النائب نهاد المشنوق، بالأمس، عزوفه عن الترشح للانتخابات النيابية للعام 2022، إذ إن هذا القرار كان متوقعاً وقد جرى ترتيبُه بالتشاور مع الأصدقاءِ والمقرّبين خلال الفترة الأخيرة.

 
من يقرأ قرار المشنوق الأخير إنّما يستنجُ أمراً واحداً مفاده أنّ الأخير باتَ يتيقّن تماماً صعوبة إحداث خرقٍ نيابي لصالحه في دائرة بيروت الثانية. ففي انتخابات العام 2018، نجح المشنوق بالصدفة كما وصّف خبراء انتخابيون حينها، إذ نال 6411 صوتاً من أصل 62970 صوتاً نالتها لائحة “تيار المستقبل”. مع هذا، فإن ترتيب المشنوق ضمن لائحته كان رابعاً في حين أن رقمه ضمن مقاعد السنّة في المدينة كان السادس، أي أنه النائب السني الأخير الذي يفوزُ في بيروت.
في الواقع، فإنّ الرّافعة التي ساهمت في تحصيل المشنوق لهذه الأصوات قد تمثلت بـ “تيار المستقبل” بحد ذاته، إلا أن اليوم، فقد بات المشنوق مجرداً من تلك الرافعة حتماً، في حين أن “خصومته” مع الرئيس سعد الحريري و “التيار الأزرق” ستساهم في “انقضاض” الشارع البيروتي عليه وتجريده من أهليته النيابية.خلال الانتخابات الماضية، استطاع المشنوق، الذي كان وزيراً للداخلية، أن يكسب من أصوات الرئيس سعد الحريري بعدما عمد الأخير إلى توزيع الأصوات التفضيلية التي تصبّ عليه، لجميع المرشحين، ومن ضمنهم المشنوق. حتماً، كان الحريري آنذاك هو “خشبة الخلاص” للجميع على حسابه الشخصي، إذ نالَ 20751 صوتاً تفضيليا في الوقت الذي كان يمكنه أن ينال أكثر لو تمكّن نوابه من حصدِ أصواتٍ أكثر لصالحهم من دون الحاجة لأي عملية تقسيم أصوات.
في السياق، تفسّر مصادر سياسيّة متابعة عزوف المشنوق عن المشاركة بالانتخابات بأنه “قرارٌ صائب” رغم التحفظات على أداء وتوجهات الشخص نفسه. وبحسب المصادر، فإن “المشنوق قرر حفظَ نفسه وعدم الانخراط في معركة يعلم أنها خاسرة في ظلّ عدم وجود تيار المستقبل سياسياً وانتخابياً وعملانياً”.
إضافة إلى ذلك، فإنه لو قرّر المشنوق خوض المعركة الانتخابية، لكان سيواجه خللاً كبيراً في الأوساط الشعبية، في حين أن امكانية استنهاض ماكينة انتخابية فاعلة يعتبرُ من الأمور الصعبة أيضاً في ظلّ الماكينات الأخرى الكبرى. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل كان المشنوق قريباً من الناس طوال الفترة الماضية لإعادة طرحه نفسه نائباً؟ ماذا قدّم لبيروت خلال فترة نيابته الأخيرة؟ كيف استطاع الحفاظ على تيار “المستقبل”؟
 
بشكل أو بآخر، سقطت اليوم “مقولة” أن المشنوق يحضر نفسه ليكون بديلاً عن الحريري، وما يتبين هو أن غياب الأخير ساهم حقاً في تغييب “الصقور”. وهنا، يبقى الأمر الأهم هو المرتبط بإمكانية انتزاع اللوائح الأخرى لمقاعد وازنة في بيروت، خصوصاً تلك اللوائح المدعومة من “الثنائي الشيعي”. ففي الانتخابات الماضية، كان “حزب الله” مرتاحاً على وضعه في الساحة البيروتية، وهذا الأمر قد يتكرّر اليوم مع وجودِ إمكانية لدعم مرشح درزي أيضاً وهو صالح الغريب.
وعلى هذا الإطار، قد يكون المشنوق قد قرأ الواقع الانتخابي تماماً، ورأى أن سقوطه مقابل مرشحي “حزب الله” أو المجتمع المدني لهو أمرٌ صعب لا يُمكن تحمّله.. ولهذا كان العزوف.