السنيورة و”حزب الله” بعد الحريري.. هكذا ستكون العلاقة

27 فبراير 2022
السنيورة و”حزب الله” بعد الحريري.. هكذا ستكون العلاقة

منذ إعلان الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسيّ في كانون الثاني الماضي، اتجهت الأنظارِ نحو الرئيس فؤاد السنيورة باعتباره العنصر الأساس لإدارة المرحلة بعد الحريري، ضمن الخط الذي تمثله “الحريرية السياسيّة”.

في الصورة والمضمون، يرى البعضُ في السنيورة رجل الظلّ خلف الحريري، في حين أن الحقيقة تشيرُ إلى اختلافٍ كبير بين الرجلين خصوصاً عندما يتعلق الأمرُ بالملفات السياسيّة الكبرى.
من وجهةِ نظر الذين يدورون في فلك تيار “المستقبل”، فإنّ السنيورة يعتبرُ واحداً من “الصقور” الذين يرفضون الإبتعاد عن الحياة السياسية، كما أنه من الذين يآثرون مواجهة “الإبعاد” بكل الوسائل المُمكنة.
 
وحتماً، لن يقبل السنيورة بإستبعاد خطّ سياسي تكرّس منذ سنوات طويلة لصالح مشاريع أخرى “ساقطة” بنظره، في حين أنه لن يسمحَ بـ”دخول أقطابٍ جديدة” إلى الساحة السنية من أجل تكريس وجودها على حساب ما زرعه تيار “المستقبل”.رجلُ مواجهة؟
من يغوصُ قليلاً بقرار السنيورة خوض الانتخابات النيابيّة المقبلة سيستنتجُ أمراً واحداً بديهياً، وهو أن الأخير يُغرّد “خارج سرب الحريري”. الصورة هذه واقعية بالنسبة للبعض، لكن الكواليس المرتبطة بهذا القرار مضمونها أكبر وأعمق.
اليوم، يستعدّ السنيورة لخوض المعركة في بيروت، باعتبارها المدينة التي تُحدّد ثقل تيار “المستقبل” السياسيّ، وعبرها يمكن إرساء توازنات ومعادلات، ومن خلالها يمكن تثبيت مكانة “الحريرية السياسية” من جديد. أما الأمر الأهم فهو أنّ “خطوة” السنيورة تعتبرُ بالاتجاه الصحيح بالنسبة لمن يخيطون “ثوب التوازنات” خصوصاً لدى الخصوم.

وعن هذا الأمر، يقول مرجعٌ سياسي بارز لـ”لبنان24″ إنّ “بقاء السنيورة مطلوبٌ اليوم في ظلّ انكفاء سعد الحريري سياسياً وانتخابياً”، ويضيف: “ترك الطائفة السنية من دون قيادة معروفة هو أمرٌ ليس مطلوباً أبداً.. الجميعُ يجب أن يلتفّ لبقاء هذه الطائفة قوية، في حين أن السنيورة يُضفي نوعاً من التوازن ويمكنه تحديدُ مسارٍ واضحٍ يُمكن أن يستنهض تيار المستقبل وقياداته من جديد”.
بشكل أو بآخر، فإنّ السنيورة سيكونُ رجل المرحلة الجديد أقله داخل “المستقبل”، وعبره لن تكون التنازلات قائمة إلى حدّ كبير. بالنسبة للبعض، فإن رئيس الحكومة السابق لا يطرح نفسه لمواجهة أي جهة في الشارع وتحديداً “حزب الله”، لكنه سيكون عنصراً أساسياً في الجبهة التي تخوض معركة الوجود في وجه الحزب وحلفائه. وهنا، فإن السنيورة قد يكونَ الرجل الذي سيرسمُ خطوط المعركة الجديدة ضد حزب الله وطموحاته، وسيكونُ واحداً من الذين سيشدّون عصب الرافضين لما يعتبرونه “الإحتلال الإيراني” في لبنان. في المقابل، يبقى السؤال الأساس الذي يطرح نفسه: هل سيُحافظ السنيورة على ربط النزاع الذي وضعه الحريري مع الحزب؟ هل سيُحافظ على ما فعله الحريري لجهة ضرب الفتنة السنية – الشيعية؟
وسط كل ذلك، يتضحُ جيداً أن قيادة السنيورة لدفّة “المستقبل” تعتبر خطوة كسرت “الوراثة السياسية”.. فالسنيورة ليس من آل الحريري بل عنصر أساسي في رسم سياسات “الحريرية السياسية” منذ تسعينيات القرن الماضي. إلى جانب هذا، فإن تقدم السنيورة بالسن قد لا يسمح له بالاستمرار لأمد طويل في الحياة السياسية، لكنه يُمكن أن يضعَ نفسه في خانة “المُرمّم” لكل ما تصدّع في بُنيان “المستقبل”. ورغم هذا، فإن مشروعه على هذا الصعيد ليس واضحاً، ولم يتبين بعد ما إذا كان الهدف هو إعادة شدّ العصب أم الوصول إلى النيابة وتمثيل جبهة “المستقبل” في مجلس النواب.
اليوم، يُراهن البعضُ على أن السنيورة قد يعيدُ الأمانة إلى آل الحريري في وقتٍ لاحق لاعتبارات عديدة أوّلها أنه لم يُحضر أي شخصية من قبله لقيادة الدفة السياسية من بعده، في حين أن التبدلات قد تدفع باتجاه عودة الحريري السياسية في ظرف من الظروف، وتحديداً عندما لا تكون هناك أطراف سنية قويّة يمكنها سلب موقعه ضمن الطائفة.
وعليه، فقد يعمد السنيورة إلى تشكيلِ جبهة واحدة تؤيّد خطّ الحريري سياسياً، بمعنى أنه قد يتلفّ مع الشخصيات السنية في بيروت لتشكيل تحالفٍ انتخابي واحد يمثل سُنّة بيروت أولاً والخط العام لتيار “المستقبل” ثانياً. وفعلياً، فإن هذا الأمر يتم العمل عليه بشكل حثيث حالياً تحت شعار “ما منترك الساحة فاضية” وتحديداً لـ”حزب الله” وحلفائه.