قطاع النشر في لبنان… المعارض الخارجية انقذته من الغرق فكيف يستمر اليوم؟

28 فبراير 2022
قطاع النشر في لبنان… المعارض الخارجية انقذته من الغرق فكيف يستمر اليوم؟


بعد ان ظل قطاع النشر في لبنان  يسهم ويشارك لفترة طويلة  في نشر المعرفة في العالم العربي والعالم، اتت الازمة الاقتصادية الحالية  لتضرب لبنان بأعرق تقاليده الا وهو  سوق الكتاب.  فكيف يواجه  قطاع  النشر اليوم هذه الازمة المستجدة؟

المجتمع معرفة
وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى قال في حديثه لـ”  لبنان 24:” هدفنا اليوم كوزارة ثقافة هو ان نستمر متحدّين كل الظروف المحيطة. فالأزمة التي نعيشها  هي ازمة  متعددة  الجوانب تبدأ  من  الحصار الاقتصادي المفروض على لبنان، ولا تنتهي بجائحة كورونا التي فرضت نفسها سلباً على سائر القطاعات  بما  فيها  سوق الكتاب حيث تم الغاء العديد من النشاطات المنتجة  لدور النشر، كان اولها المعارض  التي  كانت  تقام في  اكثر من  مناسبة  وفي اكثر من شهر في السنة.
وزير الثقافة اضاف:”اليوم مع عودة معرض  الكتاب العربي إلى بيروت ، والذي سيفتتح  في الثالث  من اذار المقبل  بعد غياب ثلاث سنوات، نأمل عودة الروح  الى قطاع  الكتاب في  لبنان  خاصة ان هناك من  يقول ان الكتاب  لم  يعد من  اولويات  اللبنانيين  في  ظل الظروف التي نعيشها ، لكن في الحقيقة، الواقع  يقول عكس ذلك، والدليل  اننا عندما  قررنا السير في  المشروع  رأينا دور النشر في المقدمة.
واضاف: “صحيح ان  الازمة  الاقتصادية اضعفت الى حد  كبير القوة الشرائية  للمواطن اللبناني ، وصحيح ايضاً  ان المواطن اللبناني لم  يعد بمقدوره  شراء الكتاب كما  كان من قبل،  ولكن على الاقل نحن ندعو المواطن  للتوجه  إلى   المعرض  وان  كان ليس لشراء الكتاب ، فليكن لتصفحه وللاطلاع على العناوين الجديدة  لكي يروي عطشه إلى المعرفة، على امل ان تتحسن الظروف في القريب العاجل، ويعود قادراً على شراء الكتاب  كما  كان  من  قبل.
وعن خطة وزارة الثقافة  للنهوض  بقطاع  النشر مجدداً ؟ اجاب وزير الثقافة: “اليوم  وزارة  الثقافة  تعاني،  وهي متروكة  لمصيرها في ظل ميزانية  خجولة  للغاية، ولكن  بالرغم  من  ذلك  فإن الارادة موجودة لدينا ، ونحن نشعر ان  واجبنا  اليوم  ان  نقف إلى جانب القطاع  الثقافي،  ان كان ليس بالدعم المادي،  فليكن من خلال بعض الافكار الخلاقة والمشاريع المنتجة  كمعرض “الاونسيكو”  للفن التشكيلي  الذي افتتح  ابوابه  نهار الجمعة  الماضي،  وسط  اقبال  كثيف على المشاركة من قبل الفنانيين التشكليين في لبنان.
المعارض الخارجية انقذتنا من الغرقاما نقيبة اصحاب دور النشر في لبنان سميرة عاصي  فقد رأت في حديثها ل “لبنان 24″  أن ” الازمة التي  يعيشه لبنان  اليوم هي  ليست نتيجة  الوضع الاقتصادي المتردي فقط، والذي طال  كل القطاعات  بما  فيها دور النشر، بل ان هناك عوامل اخرى ايضاً  تضافرت  لتزيد الخناق، مثل جائحة كورونا والوضع الاقليمي المتأزم ، والذي انعكس على لبنان”. واضافت: “في دول اخرى فإن الحكومات تدعم دور النشر، وتقدم لها  كل التسهيلات الممكنة. أما  في  لبنان  فإن  قطاع النشر مضطر أن يدعم نفسه بنفسه، وهو لا يتلقى أي مساعدة من وزارة الثقافة  تعينه على الاستمرار، لذلك نرى ان كل  اعباء الطبع  والنشر والشحن إلى الخارج هي على عاتق الناشر وحده”.عاصي  لفتت  في  حديثها  إلى  الزيادة الكبيرة التي طالت اسعار الورق والحبر وسائر مستلزمات الطباعة  نتيجة ارتفاع سعر الدولار، مما وضع  دور النشر امام  خيار الاقفال  فكان لا بد من التفتيش عن حل،  فكان ان اهتدينا إلى فكرة الطلب من اتحاد الناشرين العرب اقامة عدد من المعارض  في عدد من الدول العربية . هذه المعارض  التي  استفاد منها قطاع النشر في لبنان  من  خلال مشاركته  بها، خاصة ان مشاركة  لبنان اتت معفاة  من  رسوم الاشتراك، وذلك بمبادرة  من اتحاد الناشرين العرب”.تراجع في الاصدارصحيح هذه المشاركة اعطت قطاع  النشر جرعة دعم كان لا بد منها ، ولكن هذا لا يعني ان قطاع النشر قد عادت اليه العافية من جديد. وهنا توضح النقيبة  عاصي قائلة:” اتى ارتفاع  سعر الدولار واحتجاز اموال اللبنانيين  في المصارف  ليصيب  قطاع  النشر بخسائر كبيرة  مثله  مثل سائر القطاعات المنتجة في لبنان، فارتفاع اكلاف الطباعة بشكل كبير ادى الى تراجع  حاد في نسبة الطبع، فبعد ان  كانت  نسبة الاصدار هي  بمعدل  كتاب يومياً تراجعت هذه النسبة لتصل إلى كتاب او كتابين في الشهر بعد عام 2019.هل غيرت الازمة الاقتصادية  في اليات التعاطي  التي  كانت قائمة  قبلاً بين الناشر والمؤلف ؟اوضحت عاصي قائلة: “اليوم هناك الكثير من دور النشر اصبحت تشترط على المؤلف  ان  يدفع  قيمة  الطباعة  سلفاً، بدوره المؤلف هو ايضاً ، ونتيجة  للظروف الحالية  اصبح  صعباً عليه الانتظار  حتى يُباع الكتاب ليقبض حقوقه، لذلك لجأت بعض الدور إلى  اعتماد  سياسة  شراء حقوق النشر  كاملة  من المؤلف.تغير في الاولويات وشروط النشربدوره قال سليمان بختي ، وهو أحد  اصحاب  دور النشر في لبنان :” كان من نتائج  الازمة الاقتصادية أن المواطن أصبح مضطراً للمفاضلة  بين حاجاته اليومية المعيشية، والحاجات الاقل الحاحاً، ومن بينها الكتاب مما وضع دور النشر  في  موقف صعب.بختي  لفت  في حديثه لـ “لبنان 24” إلى  الظروف التي  يعيشها  قطاع  النشر منذ عام 2019،  والتي  لاتزال مستمرة. فقال: “بعد  الازمة  ليس  كما قبلها، فاليوم لم يعد هناك  شئ اسمه  ربح بالمعنى الحقيقي كما كان من قبل، اليوم أصبح الهدف هو تأمين كلفة الاستمرار،  لذا المطلوب  تضحيات  مشتركة من  قبل  طرفي اصدار الكتاب أي المؤلف والناشر”.بختي طالب في حديثه بضرورة أن يكون هناك دعم لسوق الكتاب من قبل المعنيين  بالأمر  سواء  وزارة الثقافة  او المهتمين  بالامر في القطاع الخاص.  واضاف: “لكن المشكلة  هي من اين نأتي بالدعم  فالأزمة طالت الجميع سواء في القطاع الخاص او العام”.وعن آلية التعاطي بين الناشر والمؤلف التي فرضت نفسها بعد الازمة الاقتصادية  التي حصلت، اجاب بختي:” كنا في السابق احياناً كثيرة نقوم بانتاج  الكتاب وحدنا دون أن نحمل المؤلف  كلفة الطباعة  قبل ان نعود لتحصيل  حقوقنا من حفلات التوقيع  وتسويق الكتاب والاشتراك في المعارض. اليوم  تغير الوضع  واصبحنا  نجد  نفسنا  مضطرين  لنتقاسم سوياً مع  الكاتب  كلفة  الطباعة”.