معظم المواقف من بيان الخارجية اللبنانية تجاه الحرب الاوكرانية أتت وفق مقاربات داخلية ، خصوصا في ظل الانقسام العمودي الذي يشهده لبنان فيما الأهم يكمن بتعامل روسيا المستقبلي مع لبنان.
روسيا الاتحادية، لا عقوبات لديها لتفرضها على من يعارض سياستها كما لا تتمتع بنفوذ مالي و إقتصادي، لكن قوتها تكمن بكونها وريثة الإمبراطورية السوفياتية في زمن القطبين التي كان يحسب لها ألف حساب على المسرح العالمي.في زمن نشاط الجاسوسية، تعاملت موسكو مع لبنان بكونه “السنترال” حيث يتم توزيع الخطوط بشتى الاتجاهات، وكانت بيروت كحاضنة لكل الأفكار تبدو مساحة تجمع الاضداد، تبدل المشهد في زمن الرئيس الشهيد رفيق الحريري حيث طغت لغة مصالح مع توجهات الانفتاح العالمي ، فيما الترقب سيد الموقف حاليا طالما ان روسيا باتت على حدودنا تماما، وهذا يعني الكثير.
انطلاقا من ذلك ، تعمّد السفير الروسي الكسندر روداكوف خلع الرداء الديبلوماسي مستعملا تعابير ذات دلالة خصوصا لناحية ” الايام الصعبة”، فيما ينقل اكثر من طرف عن موسكو معلومات تشير إلى امتعاض روسي يصل لحد الغضب تجاه لبنان سيتم ترجمته بالقريب العاجل، رغم كثافة التبريرات التي هي حد ذاتها غير كفيلة برأب الصدع مع روسيا.تحرك بعض المسؤولين اللبنانيين لمعالجة تداعيات بيان وزارة الخارجية قابله نظراؤهم الروس بالتشدد، وتنقل مصادر عن هؤلاء رفضا مطلقا لمنطق التبرؤ من موقف الإدانة وتعامل اللبنانيين بكونه بيانا لقيطا، بينما يردد الطرف الروسي على مسامع الجميع”موسكو لن تكتفي بالعوطف بعد اليوم و ينبغي أن يعير لبنان حسابا لمصالحه الكثيرة مع روسيا”.بناء عليه ، تفيد المعطيات الأولية عن تكرار السيناريو السعودي لناحية نفض اليد نهائيا من لبنان، وهذا يعني الكثير في ظل ارتباط الوجود الروسي في شرق المتوسط والمرتبط بحقول الغاز و النفط من ناحية، وتعقيدات المصالح الحيوية مع الحرب في اليمن وليبيا وسوريا، في حين تشير معطيات أولية إلى وعود جهات لبنانية بمعالجة الأمر وفق صيغة يتم درسها حاليا على قاعدة ” لا يفنى الديب و لا يموت الغنم”