يأسف زياد صابر، صاحب مكتبة «واي إن» في شارع الحمرا، في بيروت، لأن كل ما كتب وأشيع حول أسباب قرار الإغلاق النهائي لم يكن دقيقاً. صحيح أنّ عائلة صابر، قد قررت إقفال المكتبة، التي بقيت في خدمة القراء منذ عام 1971، واجتازت الحروب والمعارك والانهيارات السابقة، إلا أنّ السبب المباشر ليس اقتصادياً، كما يتم التكهن.
زياد صابر يدير المكتبة منذ ما يقارب السنة، عوضاً عن والده، المؤسس، الذي ما عاد قادراً على القيام بالمهمة. «كنت موجوداً في المكتبة بالسنوات السابقة» يقول صابر، «لكنني منذ سنة توليت المهمة كاملة. عملي في الأصل هو في التلفزيون، وحالياً وجدت عملاً خارج لبنان، وبالتالي لا أنا ولا أحد من أفراد العائلة بات قادراً على القيام بمهمة إدارة المكتبة».
رواد وسائل التواصل أعربوا عن حزنهم الشديد لخبر إغلاق مكتبة «واي إن»، التي تستقبل القراء منذ خمسين سنة، ونعوا المكتبات التي تغلق بالجملة، ولاموا الوضع الاقتصادي المتدهور وأعربوا عن الأسى بسبب ما آلت إليه الأحوال الثقافية في بيروت. لم يمر الخبر عابراً، بل أثار سوداوية وقتامة. فما إن لاحظ المارة، أنّ أرفف «واي إن» فرغت من محتوياتها، حتى أطلقوا العنان لحسرتهم على زمن باتت فيه المكتبات تزول من دون أن يعيرها أحد اهتماماً.
لكن زياد صابر الذي بالفعل بدأ ورشة إفراغ الكتب، ويستعد لتسليم المكان لمالكه، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الانهيار الاقتصادي بدأ منذ سنتين ونصف السنة. ونحن صمدنا، ومبيعاتنا كانت جيدة، خاصة خلال فصل الصيف. فالسياح اشتروا الكتب. ولا نستطيع أن نشكو من سوء الحال. بالعكس، أعتقد أنّ الإقبال جيد، خاصة العرب الذين لحسن الحظ لا يزالون يقرأون، لذلك كان المبيع مشجعاً بين شهري أيار وأيلول الماضيين». ويكمل صابر: «قرارنا بإغلاق المكتبة اتُّخذ منذ شهر كانون الأول الفائت، لسبب لا علاقة له بالانهيار الاقتصادي بشكل مباشر، وإنما لأنّ والديّ اللذين اعتادا إدارتها، ووالدي بشكل خاص، ما عادا قادرين على ذلك. أنا من عمل طوال العام الماضي، والآن أجد أنّ الإنتاج في لبنان ممكن، لكنّ النتائج بطيئة جداً. وبما أني وجدت فرصة عمل في الخارج، فلا أختي ولا أخي قادران أو يستطيعان ترك أعمالهما وإدارة المكتبة».
وأثار خبر إغلاق «واي إن»، حزن الصحافيين الذين كتبوا مقالات يعددون فيها أسماء المكتبات التي سبقتها إلى الإغلاق، ويشعرون أنّ بيروت تفرغ من كل ما فيها. وهو ما يعتبره صابر، كلاماً غير صحيح. «نحنا لدينا زبائننا. وموقعنا وسط شارع الحمرا الرئيسي، مقابل مقهى وبجوار أماكن حيوية، أفادنا بشكل كبير. لكنّ تشغيل مكتبة يحتاج إلى متابعة، وأن يعطي الإنسان مهنته من قلبه، وهذا ما يصعب الاتكال به على موظف. نحن لنا صداقات وعلاقات شخصية، وهكذا كانت تعيش المكتبة».