موقف “حزب الله” من الترسيم… هل له علاقة بالحرب الروسية – الأوكرانية؟

2 مارس 2022


هل فاجأ التصعيد المفاجئ من قبل “حزب الله” في ملف ترسيم الحدود البحرية ، الذي عبّر عنه رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، المسؤولين في الدولة، أم أنه جاء نتيجة تفاهمات ضمنية فرضتها التطورات الأخيرة، وقد يكون من بينها إنعكاسات الحرب الروسية – الأوكرانية على المنطقة وعلى محادثات فيينا؟  

عندما زار الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لبنان قبل عشرين يومًا تقريبًا ساد جو مفاده أن “حزب الله” أعطى الدولة اللبنانية “الضوء الأخضر” لإبرام اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل وفق إحداثيات الخط 23، وذلك عندما أكد وقوفه خلف الدولة في مفاوضاتها غير المباشرة مع العدو، مشترطًا ألا يكون ذلك نوعًا من أنواع التطبيع المبطّن أو المقنّع. 
لكن ما أعلنه النائب رعد أعاد عقارب الساعة إلى الوراء ووضع حدًّا لأي تفسير آخر لموقف الحزب من هذه القضية المركزية والحسّاسة والإستراتيجية، الأمر الذي أربك المفاوض اللبناني، الذي كان قد وعد الوسيط الأميركي بجواب رسمي واضح وجلي وموحدّ حيال ما طرحه حول الخطّ المتعرّج تحت الماء. 
فما الذي إستجدّ في هذا الملف حتى يخرج “حزب الله” عن صمته، ويدخل تعديلات جوهرية وأساسية على موقفه المبدئي من قضية الترسيم؟ 
 فبدلًا من أن يقف خلف الدولة تجاوزها اليوم حين أعلن موقفًا حازمًا وجازمًا وتوجّه إلى العاملين على خط مفاوضات الترسيم، من دون تسمية أحد، إلى “تبليط البحر”.  
ويُعتقد أن هذا الموقف الذي إستهدف في الأساس وفي شكل مباشر الوسيط الأميركي الذي وصفه بـ”الثعلب”، أصاب في شكل غير مباشر الجهود التي يقودها رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لإنجاز صفقة الترسيم مع هوكشتاين قبل نهاية العهد، خصوصاً أنّ رعد كان واضحاً في تلويحه بإبقاء الغاز “مدفوناً” في المياه اللبنانية ما لم نستثمره كما نريد”. وهذا يعني أن المفاوضات غير المباشرة قد رحّلت إلى أجل غير مسمّى، خصوصًا أن لبنان سيكون على مدى الأشهر الآتية منشغلًا بأكثر من ملف، ومن أهمّها المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والإنتخابات النيابية، ومن بعدها الإنتخابات الرئاسية.  
وربط بعض المصادر السياسية بين موقف النائب رعد “المدوزن” من حيث التوقيت والمضمون وبين موقف الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله خلال كلمة له ضمن فعاليات مؤتمر “سيد شهدائنا فكرا وسيرة”، الذي تحدّث فيه كأول تعليق له عن الحرب الروسية – الأوكرانية،  وقال إن “هناك ازدواجية معايير في التعاطي من قبل مختلف دول العالم، ونسأل كيف تصرف العالم عندما غزت أميركا  افغانستان، وكيف يتصرف الان مع دخول روسيا الى اوكرانيا وبدء معركة عملية عسكرية؟”وأكّد أنّ “أميركا هي المسؤولة عما يجري في اوكرانيا الان، فهي التي حرضت ولم تساعد على ايجاد حل ديبلوماسي، ولم تفعل شيئا لوقف الحرب، بل دفعت باتجاهها، وفي النهاية من سيدفع الثمن هو الشعب الروسي والاوكراني بينما أميركا ستكون هي الرابح في وقت تعرض فيه العالم كله للخطر”. 
وثمة رأي يقول إن موقف “حزب الله” سيُعيد تصحيح مسار التفاوض في الملف وسيعزّز موقع لبنان التفاوضي وسيجبر إسرائيل على العودة الى طاولة التفاوض لأنها تدرك أن أي تنقيب في المنطقة المتنازع عليها سيؤدي الى توتر عسكري سيدفع بالشركات الأجنبية التي ستبدأ التنقيب في آذار الحالي الى المغادرة. 
كذلك ربط البعض هذا الموقف بعدم رضى “حزب الله” على بيان وزارة الخارجية الذي دان الغزو الروسي لأوكرانيا، الأمر الذي قد يرتب توقّع مرحلة مقبلة شديدة الاضطراب وحبلى بمزيد من التخبط بين الحلفاء، كما بين هؤلاء وخصومهم مع اقتراب دخول البلاد من مرحلة ساخنة انتخابيًا.