كتب حبيب معلوف في “الأخبار”: للمرة الأولى في تاريخ وزارة البيئة، يُفتح نقاش جدي حول جدوى «تنظيم» الصيد البري، مع إبداء وزير البيئة ناصر ياسين استعداده لتعديل القانون باتجاه حماية الطيور لا “تنظيم” قتلها، وبتنقيته من الانصياع لأصحاب المصالح على حساب النظام الايكولوجي والتنوع البيولوجي.
رغم أن وزارة البيئة، بحسب قانون إنشائها، هي المعنية بحماية الحياة البرية، أتت التعديلات على قانون الصيد البري قبل إقراره عام 2004 من وزارة الزراعة التي كانت الوصاية لها على هذا الملف. وهي تعديلات لم تخل من تدخل أصحاب مصلحة يميلون إلى فكرة “الاستثمار” في الحياة البرية لا حمايتها.
وفي تقييم أولي لعائدات “تنظيم” الصيد وإعطاء التراخيص في السنوات الأربع الماضية، تبين أن العائدات كانت بما يقارب 4 مليارات ليرة، في حين أن منع الصيد وحماية الطيور واعتبار مراقبتها (لا سيما الأنواع النادرة) من ضمن السياحة البيئية وعائدات المحميات، يمكن أن يدخل أضعاف هذا المبلغ بشكل مستدام، بالمقارنة مع ما يتسبب به الصيد من انقراض هذه الأنواع على المدى البعيد. هذه الأفكار وغيرها نوقشت الأسبوع الماضي في ورشة عقدت في وزارة البيئة، شارك فيها ممثلون عن الصيادين ولجان المحميات وجمعيات تعنى بالبيئة والطيور وخبراء وأكاديميين. وخرجت الورشة باستنتاجات عدة، أهمها أن وضع الطيور في لبنان مهدد لأسباب عدة تشمل، إلى جانب الصيد العشوائي والمنظّم، تلوث مياه البحيرات والأنهار وازدياد حرائق الغابات السنوية بما يُهدّد موائلها وزيادة استخدام المبيدات وانتشار مكبات النفايات… الخ مما يجعل أي زيادة في الصيد البري تهديداً لحياة الكثير من الأنواع النادرة وسبباً في اختلال في الأنظمة الإيكولوجية لا يمكن تعويضه. لذلك، كان ثمة إجماع على ضرورة إعادة النظر في قانون الصيد الذي تم تعديله عام 2004. وبما أن القانون أصبح منذ ذلك الوقت تحت وصاية وزارة البيئة وتم فتح موسم الصيد لفترة أربع سنوات، تحتاج إلى مزيد من التقييم، يحتم ذلك إعادة النظر في القانون وفقاً لمهام هذه الوزارة واستراتيجيتها ورؤيتها لحماية الحياة البرية. كما أوصى المجتمعون بضرورة إجراء تقييم دوري لوضع الطيور والحياة البرية وللأعداد والأنواع، وبتعديل القانون ليصبح في جوهره معبراً عن كيفية الحماية وليس الاستثمار، وإعادة النظر بالمجلس الأعلى للصيد ودوره وعضويته، ووقف تضارب المصالح داخله. كما كانت هناك توصية بضرورة إيجاد غرفة في وزارة البيئة تنسق بين كل المهتمين بحماية الطيور ومراقبتها ودراستها لجمع المعلومات وتحديد لائحة حمراء خاصة بلبنان، على أن تشمل الورشة المقبلة ممثلين للقوى الأمنية والوزارات المعنية. ولعل التوصية الأهم التي تحفّظ عنها ممثل اتحاد مجموعات الصيد الإلكترونية، عدم فتح الموسم المقبل للصيد البري في انتظار إنجاز هذه الدراسات والتعديلات.