أزمة حول المقعد السّني الثاني في “عرين جنبلاط”.. من سيخرقه؟

7 مارس 2022
أزمة حول المقعد السّني الثاني في “عرين جنبلاط”.. من سيخرقه؟


في المشهدية الإنتخابية التي بدأت تتحرك، وإن ببطء للخروج من دائرة الركود إستعداداً للإستحقاق النيابي في “نوّار”، يمكن تسليط الضوء الإنتخابي على “عرين الجنبلاطية”، أي دائرتي بعبدا وعاليه – الشوف.

 
تاريخياً، فإن هاتين الدائرتين دارتا في فلك يرتضيه زعيم المختارة وليد بيك جنبلاط قبل أن تتداخلا جغرافياً وسياسياً مع الضاحية الجنوبية والحدث وسائر مناطق النفوذ الجنبلاطي، وقبل أن تتمدد “الحريرية السياسية” نحو إقليم الخروب، مع الإشارة الى أكثر من تداخل من هذا النوع:
الأول تموضع الحزب التقدمي الإشتراكي والقوات اللبنانية في خندق واحد لخوض الإنتخابات على قاعدة “الزواج المصلحي الموقت بين نقيضين” والذي يتجدد كل أربع سنوات، بعد إعلان زعيم المختارة الطلاق مع قوى 14 آذار، وعلى خلفية “الإحتياجات المشتركة” لإيصال نوابٍ بالتساوي، تحت طائلة وقوع الخسارة الحتمية أمام حلفاء إتفاق مار مخايل.
التداخل الثاني يكمن في منطقة إقليم الخروب حيث تسود حال من الإرباك بشأن المرشح السني الثاني الذي تريد المختارة حسمه لصالحها بعد انكفاء تيار “المستقبل”. وهنا، فقد جرى طرح اسم أمين سر نقابة المحامين سعد الدين وسيم الخطيب من برجا، ضمن تحالف “القوات – الإشتراكي” لخوض معركة المقعد السني الثاني إلى جانب النائب بلال عبدالله. ووسط هذا، فإن حظوظ الأول ضعيفة باعتبار أنه ما من التفاف شعبي حوله حتى الآن علماً أنه يسعى لذلك عبر لقاءات مكثفة يجريها مع مختلف الأطراف، في حين أنّ أسهمه لدى جمهور “المستقبل” ما زالت ضائعة، خصوصاً أن قيادات الأخير في الإقليم أعلنت مراراً أنها لن تدعم أي مرشح، وقد اعتبرت الخطيب “دخيلاً” عليهم، في حين أن هناك شخصيات من التيار في الإقليم تطرح نفسها للترشيح.
الفكرةُ الأساس وسط كل ذلك هو أنّ تغييب برجا عن أي لائحة يعتبرُ أمراً لا يمكن الانخراط به، لاسيما بعد التململ الذي حدث سابقاً كون النائبين السنيّين الذين نجحا كانا من بلدة شحيم في العام 2018، بعد عدم ترشيح أي شخصية من برجا آنذاك ضمن لائحة “المصالحة” التي كانت تضمّ تيار “المستقبل” و”الإشتراكي” و”القوات”.
في المقابل، يتم اليوم الحديث عن سيناريوهات عديدة، أولها أن المخاوف من عدم الخطيب من استمالة برجا نحوه كونها تضم 17 ألف ناخب، من شأنها أن تجعل المختارة تعيد النظر في ترشيحه واستبداله بشخصٍ آخر من برجا.
 
وحالياً، فإن ما يتم الترويج له لتولي المهمة بدل الخطيب هو النائب السابق علاء الدين ترو. وعند هذا الأمر، تبرز نقطة الخلاف، إذ تكشف المعطيات الميدانية أن ترو ليس مقبولاً من كافة الأطراف في البلدة الوازنة انتخابياً، في حين أن المناطق الأخرى في إقليم الخروب تطالب بالمداورة بالتمثيل.
 
كذلك، فإن حظوظ ترو تعتبر منخفضة أيضاً كونه سيؤثر مباشرة على ابن حزبه النائب بلال عبدالله، والأول مطالب بتجيير أصوات للأخير في برجا، وهذا الأمرُ يعتبرُ بمثابة تحدٍّ كبير للائحة ولترّو في برجا.
 
إضافة إلى هذا الأمر، فإنّ هناك شخصيات عديدة يمكن أن تتجاوز ترو في عدد الأصوات كونها تحظى بتأييد شعبي كبير مثل رئيس بلدية برجا السابق نشأت حمية. وفي ما خصّ الأخير، فإنه غير مقبول لدى جنبلاط لأسباب قديمة تعود إلى معركة النفايات عام 2015، حيث تمكن حمية مع أهالي برجا في ذلك العام، من إجهاض مرور المطامر إلى منطقة سبلين. وهنا، فإنّ إمكانية حمية للخرق كبيرة في حال ترشّح مع لوائح المجتمع المدني التي تتواصل معه بكثافة نظراً لقدرته على حصد نسبة كبيرة من أصوات البرجاويين، بحسب المعطيات والوقائع.
وعليه، فإنّ إمكانية فوز المختارة بالمقعد السني الثاني يعتبرُ صعباً، ما جعل كافة الترجيحات تشيرُ إلى إمكانية فوز لوائح المجتمع المدني بهذا المقعد، أو لائحة “التيار الوطني الحر”.
لا شك أن المختارة تجتهد للحفاظ على موقعها كزعامة في تلك المناطق ضمن الحد الأقصى الممكن، ولا تخفي مصادر متابعة بعضاً من قلق من إمكان توحيد صف قوى التغيير وخوضها الإنتخابات في لائحة واحدة، الأمر الذي قد يؤدي الى ثلاثة خروق ممكنة قد تطال المقعدين الماروني والشيعي في دائرة بعبدا والمقعد السني الثاني في دائرة عاليه- الشوف، علماً أن جهداً يُبذل في هذه الدائرة “للم شمل قوى التغيير” بناء على الدراسات الإحصائية، خصوصاً بعد أن باتت هذه القوى تعرف حجمها الحقيقي ضمن تلك الدائرة وتتفاوض على أساس المعطيات العلمية المتوافرة.
أما في دائرة الشوف- عاليه فتنشط قوى التغيير أيضاً، وثمة أسماء أعلنت عن نفسها في مرحلة مبكرة لكن الجهد منصب راهناً على إختيار المرشح السني “القوي” من منطقة إقليم الخروب حيث هناك أسماء عدة قيد التداول في المناقشات المحصورة.
قصر المختارة لا يدخر جهداً في هذا المجال، وسيد القصر متوجس من الأسماء الجديدة ويرغب، كما سائر أحزاب السلطة، بخوض المعركة بالحرس القديم. أما قوى التغيير فتحاول توحيد صفوفها بعد بروز “طفرة غير طبيعية” في أعداد المرشحين، وكل تحليل بعد إقفال باب الترشيحات في 15 آذار المقبل سيكون أكثر وضوحاً.