أجدر من الرجل وأكثر صلابة

7 مارس 2022
أجدر من الرجل وأكثر صلابة


نظمت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بمناسبة “اليوم العالمي للمرأة”، بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة وبدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة “UN Women”، ورشة عمل مع شابات وشباب من عدد من الجامعات اللبنانية، عن “أهمية مشاركة النساء في المجلس النيابي”.

 
ويأتي هذا اللقاء في إطار عمل الهيئة التنسيقي لتنفيذ الخطة الوطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن، التي اعتمدتها الحكومة في أيلول 2019 والتي من بين أهدافها، زيادة مشاركة المرأة في الهيئات السياسية على الصعيد الوطني والمحلي. كما يأتي متابعة للقاءات التي عقدتها الهيئة في هذا الإطار، وبهدف إلقاء الضوء على أهمية مشاركة النساء في المجلس النيابي واستعدادا للانتخابات النيابية التي ستجري في أيار 2022.
 
شارك في اللقاء وزير الشباب والرياضة الدكتور جورج كلاس، رئيسة “لجنة مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي” في الهيئة الوزيرة السابقة الدكتورة غادة شريم، رئيسة الهيئة كلودين عون، رئيسة مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان رايتشل دور-ويكس، أمينة سر الهيئة الكاتبة العدل رندة عبود ورئيسة لجنة الثقافة والإعلام في الهيئة ميرفت نحاس.
 
عون
وألقت السيدة عون كلمة افتتاحية، فقالت: “في مستهل نقاشنا اليوم، لا بد من الرجوع إلى بعض البديهيات ومنها أن أي مجتمع يتعرض للتفكك والانهيار إذا غابت فيه المؤسسات المعبرة عن هويته وتطلعاته، وإن المؤسسات نفسها تنتهي إلى الزوال إذا ما افتقدت مصداقيتها. نحن نعيش اليوم في دولة تواجه خطر وجودي من جراء تضافر أثار أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية ونقدية. إننا في طور الكفاح من أجل الوجود كشعب، وكأمة لا تزال تتمسك بوحدة كيانها وبمقومات دولتها على الرغم من شتى المصاعب الناتجة عن الأزمات الداخلية وعن التوترات والتجاذبات الإقليمية والدولية”.
 
أضافت: “نكافح من أجل الحفاظ على دولة تقوم على مؤسسات ينتظم عملها بموجب دستور. اليوم نحن على أبواب تجديد الثقة في مؤسسة المجلس النيابي الذي يفترض أن يكون ممثلا للشعب اللبناني بشكل صحيح وأن يكون مؤتمنا على تطلعاته وحريصا على تأطير هذه التطلعات في تشريعات ناظمة لعمل مؤسسات الدولة والمجتمع. لذا تتخذ الانتخابات النيابية المقبلة أهمية أساسية في ظل الظروف التي نعيشها. فمصداقية المؤسسة ومصداقية كياننا اللبناني، هما اليوم على المحك ولا يجوز الافراط بهما بحجة الفشل الظرفي الذي نشهده اليوم بقيام بعض المؤسسات العامة بتأدية مهامها. نحن على مشارف انتخابات نيابية تشكل بالنسبة إلى المواطنات والمواطنين، وخصوصا بالنسبة إليكن وإليكم أيها الشابات والشباب، وأنتم تمثلون القوى الحية للوطن، فرصة لتثبيت وجود لبنان عبر استناد هيئته التمثيلية إلى شرعية تقوم على مشاركة واسعة للناخبات وللناخبين وعلى تمثيل صادق للفئات المكونة للمجتمع ومنها النساء والرجال. لذا فإن شرعية التمثيل تتوقف أولا على نسب عالية في المشاركة في الاقتراع، وأود هنا أن أضيف أن مشاركة عالية لفئة الشابات والشباب سوف تشكل معيارا هاما لقياس مدى الالتزام الواقعي لهذه الفئة في المشاركة في توجيه مسار الوطن”.
 
وتابعت: “من هنا أدعوكم أيها الأعزاء، إلى المشاركة بأعداد كثيفة بالإدلاء بأصواتكم، أيا كانت الخيبات التي تشكون منها. فالمسألة اليوم تتعلق باستمرار عمل مؤسساتنا لكي تستمر دولتنا وكي يبقى وطننا. عنصر هام آخر يؤثر على صحة التمثيل في المؤسسة البرلمانية، هو تواجد النساء في صفوفها. المسألة تتعلق أولا بالديموقراطية الصحيحة، فليس من المنطقي أن نقبل بأن تكون ست سيدات فقط ممثلات للنساء في البرلمان كما هو الحال في المجلس الحالي، نعلم وتعلمون أن الأمر لا يتعلق بحظر دستوري أو قانوني يحول دون وصول السيدات إلى الندوة البرلمانية، وتعلمون أيضا أن السبب ليس في نقص في القدرة لديهن على تمثيل المجتمع أو على القيام بمهام التشريع. كلنا نعلم أن العقدة هي في ثقافة سياسة موروثة من الأجيال الغابرة تخال أن النظام المجتمعي، لا يمكن أن يكون إلا أبويا كما كانت الحال في الماضي قبل خوض النساء مجالات العلم والعمل وقبل إثباتهن لقدراتهن في العالم بأسره على الريادة والقيادة”.
 
واردفت: “نعلم أيضا أن من مرتكزات هذه الثقافة السياسية التي لا تزال سائدة في بلدنا، النظرة إلى التمثيل السياسي وتبوء مراكز القيادة في الشأن العام، على أنهما يشكلان أولا منصة للارتقاء إلى موقع الزعامة وليستا، إلا ثانويا، مجالات عمل للمصلحة العامة تستوجب العلم والخبرة للتوصل إلى الحلول. اليوم، نتطلع إلى قلب هذه المقاربة. فالترشح للفوز بمقعد نيابي، من أي طرف سياسي أتى، ينبغي أن يكون هدفه أولا وأخرا الخدمة العامة عبر تحديث التشريع. وهذه المهمة لا تقتصر على إقرار تغييرات تجميلية للقواعد القائمة، بل تفترض تحديث في الرؤية المكونة لدى النائبة/النائب عن المجتمع وعن تطلعاته. فلممثلات الشعب أو ممثليه أن يكونوا مصلحين اجتماعيين أيضا وأن يساهموا في تطور الجماعة التي أوصلتهم الى النيابة عبر إقرار التشريعات المساعدة على هذا التطوير. فاذا كانت مثلا الثقافة السياسية السائدة تشكل عائقا أمام فتح مجال التمثيل النيابي أمام النساء فلهن ولهم أن يعملن وأن يعملوا على تعديل القانون الانتخابي لجهة تشجيع النساء على الترشح”.
 
وأشارت إلى أن “الهيئة الوطنية عملت في الحقبة الأخيرة، وعملت أيضا جمعيات المجتمع المدني بغية إدخال تعديل على قانون الانتخابات النيابية، يخصص من خلاله 24 مقعدا في شتى الدوائر ولكافة المذاهب للنساء. ومع أن جميع الكتل النيابية رحبت بمبدأ زيادة مشاركة النساء في البرلمان، لم يطرح موضوع تخصيص كوتا لتمثيل النساء في المجلس على المناقشة. ذلك على الرغم من وجود عدة اقتراحات قوانين لإقرارها. لذا ندعوكم اليوم كممثلين عن شابات وشباب لبنان إلى السعي إلى تحقيق التطلعات التي تحملونها للتوصل إلى مجتمع أكثر عدالة ومساواة. فنحن أمام استحقاق انتخابي لنا أن نسعى ونعمل ليكون مناسبة، أولا لتثبيت تمسكنا بمؤسساتنا الديموقراطية وهي رمز لتمسكنا ببلدنا، وثانيا لتحديث وتطوير مجتمعنا عبر إيصال العدد الأكبر من النساء إلى الندوة البرلمانية. ذلك بهدف ترسيخ مفهوم المساواة والعلاقات الندية بين النساء والرجال في مجتمعنا، وبغية إثراء مقارباتنا لشؤون السياسة والحكم بالعلوم والخبرات والمواهب التي تختزنها النساء”.
 
وقالت: “ونشير ونذكر أننا، كدولة لبنانية، التزمنا في قمة نيروبي بشأن المؤتمر الدولي للسكان والتنمية 25، حيث كان لي شرف تمثيل لبنان فيها، والتي عقدتها حكومتا كينيا والدانمرك وصندوق الأمم المتحدة للسكان، بوضع واعتماد وتنفيذ خطة عمل وطنية حول القرار الأممي حول الشباب والسلام والأمن”.
 
وختمت: “على وطنيتكم، على عزمكم على الإصلاح وعلى صدق مواقفكم، نبني الآمال بنهضة جديدة لبلدنا لا يمكن أن تكون إلا من صنع بناته وأبنائه. أشكر معالي الوزير الدكتور جورج كلاس وزير الشباب والرياضة على مشاركته في هذا اللقاء، وأشكر هيئة الأمم المتحدة للمرأة لمساهمتها في هذا تنظيمه وأشكر مشاركتكم”.
 
دور – ويكس
بدورها قالت دور ويكس: “ما لا يقل عن 40 بالمئة من سكان لبنان مصنفون شبابا مما يعني أن قدرة الشباب على إحداث تغيير إيجابي كبيرة”، ودعتهم الى أن يكونوا “أداة تغيير في السياسة والتنمية والمجتمع عبر الانخراط البناء في العمل السياسي”.
 
ولفتت إلى “الدور الكبير الذي يلعبه الشابات والشباب من خلال “الحركات السياسية”، وفي الجامعات فإن هذه المشاركة السياسية تتراجع عندما يتعلق الأمر بالسياسة الرسمية وغالبا ما يكون هذا لسببين، لأن الأحزاب تستبعد الشباب من المناصب القيادية، ولأن الشباب قد يجدون أنفسهم محبطين من القيادة السياسية فيعرضون عن المشاركة”، معتبرة أن “التحديات أكبر بالنسبة للشابات اللواتي يواجهن الاستبعاد والحواجز ذاتها التي يواجهها جميع الشباب، بالإضافة إلى مجموعة إضافية من الحواجز والعراقيل لكونهن نساء”.
 
واشارت إلى أن “معالجة موضوع ضعف مشاركة الشباب في الحياة السياسية يكون عبر ضمان حصول الشباب والمنظمات التي يقودها الشباب على الفرص والقدرات والمساحة للمشاركة في الحياة السياسية”، ودعت الشابات والشباب إلى “لعب دورهم من أجل مستقبل لبنان ومن أجل تحقيق المساواة بين النساء والرجال”.
 
كلاس
ثم ألقى الوزير كلاس كلمة، قال فيها: “السيدات والشابات والمشاركات/ين في هذه الندوة التخصصية واللقاءات التوعوية والتحفيزية الدافعة بالمرأة لأن تأخذ المبادرة وتقول: أنا موجودة ولن اتهاون بحقوقي.. ولن أقصر بدوري تمثيلا وتشريعا وحكما نظيفا وإدارة مجتمع. يسعدنا في وزارة الشباب والرياضة أن نتشارك مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة وبرنامج المرأة التابع للأمم المتحدة، في إطلاق فاعليات هذه اللقاءات التي تهدف الى دعم المرأة اللبنانية للمطالبة بحقوقها ومساعدتها على تحقيق ما تطمح اليه من اهداف، وبما يؤسس لمجتمع لبناني سياسي أكثر تماسكا وأمتن تكاملية، على قاعدة احترام خصوصيات هذا المجتمع وبناء تشاركيته السوية، وإبراز تنوعه الديني والحضاري والثقافي، وتظهير نوعيته القائمة على مثلث ركائز، قوامه: الحرية، الحق  والمسؤولية”.
 
أضاف: “من هذا المثلث القيمي، أنظر الى نضالات الهيئة الوطنية لشؤون المرأة الجاهدة الى تقعيد أسس تشجيع المرأة والأخذ بيدها ورسم الطريق لها للتعرف الى مكانتها والتشبث بحقوقها وتحميلها مسؤولية أخذ المبادرة لأن تجهر بحقها وتطالب وتعاند وتسوق أفكارها وتضع برنامج حضور لمستقبلها. انا اقول، من موقع ثقتي بقدرات المرأة، في الفكر والتربية والثقافة والعلم والقضاء والادارة والدبلوماسية والاحزاب والتشريع والوزارة والاقتصاد والشفافية، إن المرأة أجدر من الرجل وأكثر صلابة ومناعة منه في محاربة الفساد وفرض قواعد الشفافية والإصلاح، لأنها أثبتت حضورها وأكدت دورها في هذه المسؤوليات المتنوعة انخراطا وفعلا وتفاعلا وقيادة”.
 
وأشار إلى أن “التحدي الاكبر الذي يعترض المرأة في مسيرتها نحو تحمل مسؤولياتها الوطنية والتشريعية، ونحن على مقربة من الموسم الانتخابي النيابي، في ظل القانون الحالي، يتحدد بالتالي: أي استعداد للقوى والاحزاب والتجمعات السياسية بأن ترشح سيدة في لوائحها؟ وهل تتضمن برامج الاحزاب واللوائح الانتخابية بنودا تستجيب لمطالب النساء وتتلاقى مع انتظاراتهن؟ متى تنتقل المرأة من ناخبة حرة الى مرشحة قيادية، وكيف تكون حاجة سياسية، لا عددا في قوائم الشطب وأصواتا صناديق الاقتراع؟  قد يكون بعض الحل، في ان تبادر الكتل لأن توسع من المرشحات على لوائحها، لتتيح لهن فرص النجاح، منعا للاحتكار السياسي والإقطاع الترشيحي والحصرية التمثيلية في الدوائر والمذاهب. وهذه أقصر الطرق لإنصاف المجتمع من خلال إنصاف المرأة وترسيخ قواعد التعادل في المسؤوليات، ترشيحا وانتخابا وتمثيلا. عبثا نتكلم عن مجتمع حضاري خارج الكيانية الفكرية للمرأة.. ولا عن بيئة فريدة بعيدا عن حريتها في التفكير والتعبير والحضور السياسي والدور الوطني.. ولا عن فعلها وتفاعلها تأثرا وتأثيرا، في مجال تأكيد العيش السلامي وتجسيد حوار الحياة الذي أثبتت انها رائدته بحرية وتمايز”.
 
وتابع: “الانتظارات من هذه الندوة، بما تحمله من إضاءات وتنبيهات تؤشر الى إيجابيات على مستوى بث الوعي والدفع التشجيعي لأن تستعيد المرأة دورها وتثبت حضورها، وتترك الباقي علينا، نحن المنظرين لها والداعمين لدورها والمسؤولين عن قصورها وإقصائها الجزئي الغير المبرر عن المشاركة بالحياة السياسية تشريعا وحكما تنفيذيا وعلى غير مستوى رغم ما أثبتته بقدراتها من نجاحات على كل المستويات. قد تكون المرأة مسؤولة عن تقصيرها في بعض الظروف، لكن الأكيد أننا نحن مسؤولون عن إقصائها في أغلب الظروف. نحن نريدها سيدة برلمانية قيادية تشريعية فاعلة ومؤثرة.. ولا نرتضي لها دورا هامشيا كتمثيل رفع العتب. إذا كان حضور المرأة في البرلمان حاجة وطنية تستجيب لمطالب الهيئة الوطنية لحقوقها، فإن نسبة تمثيلها وترشيحها هو مقياس تقدم المجتمع وتظهير مكانة المرأة فيه، ومن هذا المقياس وعلى هذا الأساس، فإن احترام حضورها في البرلمان هو اولا من مسؤولية الاحزاب والكتل المرشحة. وما على المرأة إلا ان تجاهر وتبادر لاستعادة حضورها وفرض حقوقها، فحقوقها من حقوقنا وكرامتها من كرامة الوطن”.
 
وختم: “في يوم المرأة، أدعو لكن بالخير وأرفع لكن باسم شابات وشباب ورياضيات ورياضيي لبنان، باقات ورود ومحبة وتقدير، متمنيا للمناضلات والرائدات وحاملات هموم المرأة وتطلعاتها كل الخير، وللثكالى وكسيرات الخاطر هناءة القلب، للمعنفات ومسلوبات الحقوق الحماية بالقوانين والاحترام بالممارسة وحفظ كرامتهن الإنسانية، كل الاحترام لجهودكن في حقل التوعية على الحقوق والتشجيع للارتقاء. عندما تطالب المرأة بحريتها، فهذا حقها، أما إذا طالبت بتحررها، فهذا عيب علينا، لأننا مقصرون ومتهاونون بحقوقها”.
 
بعدها أدار جلستي الورشة كل من المديرة التنفيذية ل”مؤسسة مهارات” رلى مخايل والمدير التنفيذي لـ”الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات” علي سليم، وتم خلالهما عرض ما يجب معرفته عن قانون الانتخابات مع محاكاة انتخابية وأهمية المشاركة في الحياة السياسية ودور الأحزاب وأهمية المشاركة السياسية: موقع المرأة اللبنانية في السياسة على ضوء تجربة 2018.