كتب خالد ابو شقرا في” نداء الوطن”: لم تشفِ المصارف القريبة “غليل” رجال السياسة والأعمال “المتعطشين” دائماً إلى الربح السريع. فحوّل قسم غير قليل منهم مدخراته إلى روسيا طمعاً بالفوائد المرتفعة أو لنيل عطف ورضى “القيصر”، وكانت النتيجة أن حاز مصرف “في تي بي” حصة من مغانم المتمولين اللبنانيين الشرعية وغير الشرعية، لكن مع بدء روسيا عملياتها العسكرية في أوكرانيا، وفرض السلطات سريعاً “الكابيتال كونترول” في البلاد، وقعت الواقعة فتمت “روبِلة” الودائع بالدولار والعملات الأجنبية، واحتجزتها المصارف الروسية، “لتلاقي المصير نفسسه للودائع المحجوزة في البنوك اللبنانية”، يقول الخبير المصرفي ميشال قزح.
وفي ضوء ذلك، وضعت التطورات النقدية في روسيا أصحاب الودائع بالعملات الصعبة، ومنهم اللبنانيون، أمام خيارين أحلاهما مرّ… إما نسيانها لفترة طويلة، وإما استعمالها داخل روسيا لشراء العقارات والأصول. وعلى الرغم من التشابه الكبير بين الوضعين النقديين في لبنان وروسيا، يسجل للأخيرة اتخاذها خطوتين حمائيتين سريعتين. فبالاضافة إلى فرض قانون “تقييد وضبط الودائع” منعاً لتفاقم المشاكل وهروب الرساميل والمضاربة على العملة الوطنية، أتاحت السلطات النقدية الروسية للبنوك والتجار والشركات تسديد الودائع بالعملة المحلية”، بحسب قزح، “حيث يمكن الدفع بالروبل للمؤسسات الدائنة الخارجية، وبحسب سعر الصرف الرسمي، وذلك على عكس ما جرى في لبنان، حيث أرجعت البنوك الحسابات الإئتمانية fiduciary account لصالح مؤسسات مالية محلية أو أجنبية، تتضمن أرصدة تعود إلى “مستفيد ثالث” غير معلن اسمه”.
في جميع الحالات يرى قزح أن أصل المشكلة واحد ويتمثل في “إدمان اللبنانيين على الفائدة المرتفعة، وتحديداً في الحقبة الممتدة من العام 1997 ولغاية اليوم”. فتوسعت الثقافة المالية التي تدعو إلى “شراء” الفوائد من دون تكبد عناء بناء الأعمال ومشقة ملاحقة المشاريع المنتجة… غير أنّ المستثمرين يجب أن يكونوا على دراية أكثر من غيرهم بأحوال السوق والمعادلة القائمة على حقيقة أنه “كلما ارتفعت الفوائد كلما زادت المخاطر”، وهذا باختصار ما حصل في لبنان وروسيا على حد سواء.