“تشويه وتحريف”.. “التيار” مدافعًا عن نفسه: لا يريدون الانتخابات!

9 مارس 2022
“تشويه وتحريف”.. “التيار” مدافعًا عن نفسه: لا يريدون الانتخابات!


مجدّدًا، يجد “التيار الوطني الحر” نفسه في موضع الاتهام، بمُعزَلٍ عن صحّته من عدمه. فمنذ أيام، عاد الترويج بكثافة في الأوساط الإعلامية والسياسية عن سعيه الحثيث لـ”تطيير” الانتخابات النيابية، وهو اتهام قد يجد “مقوّماته” في داخل “التيار” نفسه، وآخره ما سُرّب عن “طرح” وزير السياحة “تأجيل” الاستحقاق لمدّة شهرين على الأقلّ.
 
لم يكن حديث وزير السياحة “البند الأول” في “مضبطة الاتهام” الموجَّهة إلى “التيار”، فقبله كانت سلسلة من الخطوات التي أثارت التكهّنات، من الطعن الشهير بتعديلات قانون الانتخاب، إلى الإصرار على الدائرة 16 المرتبطة بتصويت المغتربين، مرورًا بإحياء النقاش حول “الميغاسنتر”، مع كلّ “تعقيداتها”، قبل شهرين فقط من الموعد المفترض للانتخابات.
 
وبعيدًا عن الأمور التقنية، تستند “مضبطة الاتهام” إلى الواقع السياسي الذي لا يميل، وفق ما يقول المروّجون لها، لصالح “التيار”، فـ”العهد” ليس في أفضل أحواله، واستطلاعات الرأي تؤكد تراجع شعبيّة “التيار” في مختلف الدوائر، وكأنّ ذلك لا يكفي، جاءت “البلبلة” داخل “التيار” على خلفية الترشيحات، والحديث عن استقالات سيشهدها، لتزيد الطين بلّة.
 
“استهداف مستمرّ”
 
ومع أنّ كلّ ما سبق قد يكون “واقعيًا” في حيّز كبير وواسع منه، إلا أنّ المحسوبين على “التيار” يضعونه في دائرة “الاستهداف” المستمرّ والممنهج الذي يطال “العهد” منذ أيامه الأولى، والذي بلغ “ذروته” في العامين المنصرمين، إلى حدّ جعل المستهزئين عادةً بـ”نظرية المؤامرة” يتبنّونها، استنادًا إلى كمّ “الإشاعات” التي تمّ ضخّها في هذا الإطار.
 
ويشدّد هؤلاء على أنّ الاتهامات الموجّهة إلى “التيار” بالرغبة بتطيير الانتخابات تندرج في هذه الخانة، في حين أنّ الوقائع تؤكد على العكس من ذلك، أنّه “الطرف الوحيد” ، وفق تعبيرهم، الذي يريد حصول الانتخابات في موعدها، لأنّه، وخلافًا لما يُقال أيضًا، يجد أنّ لديه “مصلحة كبرى” في ذلك، لوضع حدّ لكلّ ما يُحكى عن “انقلاب” في المزاج الشعبيّ، ويوحي وكأنّ “التيار” سيتعرّض لهزيمة غير مسبوقة في الانتخابات المقبلة.
 
وفي السياق نفسه، يضع المحسوبون على “التيار” ما سُرّب من كلام وزير السياحة قبل يومين، والتركيز الإعلاميّ عليه بشكل “ضُخّم لغاية في نفس يعقوب”، على حدّ وصفهم، علمًا أنّ الوزير الذي أعلن في الجلسة نفسها أنّ الانتخابات يجب أن تحصل في موعدها، كان يردّ على “مداخلات” غيره من الوزراء، الذين تحدّثوا صراحةً عن معوّقات لوجستية وقانونية تحول دون إنجاز الاستحقاق واحترام نزاهته وديمقراطيته ضمن المهل المنصوصة.
 
من يريد التأجيل؟
 
أما “الأزمة الحقيقية”، بالنسبة إلى المحسوبين على “التيار”، فتكمن في أنّ “التصويب” عليه يتمّ على أساس مطالبته بـ”إصلاحات” جدية على المسار الانتخابي، وقد تأخّر بعضها كثيرًا، وعلى رأسها “الميغاسنتر”، الذي كان يفترض أن يحصد إجماع القوى السياسية، ولا سيما أنّه يوفّر على اللبنانيين مشقّة الانتقال إلى أماكن القيد، في ظلّ الارتفاع الهائل في أسعار المحروقات، ومن شأنه بالتالي أن يرفع من نسبة التصويت التي يُخشى أن تكون ضعيفة جدًا.
 
ولا يرى “التيار” في تطبيق هذا البند صعوبة أو استحالة، رغم ضيق الوقت، إلا بالنسبة لمن يتعمّد إضفاء “التعقيدات” عليه، عبر الحديث تارةً عن حاجته لتعديلات قانونيّة، وتارة أخرى عن ضرورة ربطه ببطاقة إلكترونية ممغنطة، وطورًا عن حاجة لأشهر طويلة، في حين أنّ كلّ ما يتطلبه الأمر هو تخصيص مراكز اقتراع كبرى للتصويت، مع تسجيل مسبق، وفق الآلية نفسها التي تُعتمَد مثلاً في انتخابات المغتربين في الخارج.
 
في المحصّلة، يردّ المحسوبون على “التيار” على الاتهامات بالقول إنّ الأطراف الأخرى هي التي لا تريد حصول الانتخابات، وتعمل على “رمي الكرة” في ملعب “الوطني الحر”، لتحميله المسؤوليات، على جري العادة، علمًا أنّ هذه الأطراف هي التي تزرع “الألغام” في طريق أيّ خطوة “إصلاحية ريادية”، وهم يسجّلون “تحفّظًا” في هذا الإطار على المجتمع المدني الذي “يتبنّى” مواقف هذه الأطراف، بدل أن يساند “التيار” في مسعاه.
 
يصرّ المحسوبون على “التيار” على أنّ كرة “التأجيل” ليست في ملعبه، وأنّه خلافًا لما يروّج، يسعى ليكون “ضمانة” حصول الانتخابات في موعدها، استنادًا من احترامه الدائم لمواعيد الاستحقاقات الدستورية. ويصرّ خصوم “التيار” على أنّ واقعه السياسي والشعبي يدفعه إلى البحث عن “المَخرَج” الذي يتيح له “الهروب” من الاستحقاق، مع “تبييض” صفحته، إن استطاع إلى ذلك سبيلا. وبين هذا وذاك، يبقى الخوف الأكبر على “مصير” استحقاق، بات “مرهونًا” بمزاج السياسيين، شاء من شاء وأبى من أبى!