يدرك الوزير الجديد للإعلام زياد مكاري دقة الظرف وحساسية حقيبته في ذروة التحضير لانتخابات مفصلية كونها ترسم ملامح مستقبل لبنان، لذلك يضع نصب عينيه ثوابت اساسية قوامها الشفافية المطلقة والحفاظ على ميزات لبنان في العالم العربي المتجسدة في الديمقراطية و حرية التعبير.
من دون سابق إنذار، وجد نفسه، وهو السياسي الطموح والمهندس الشغوف بالعمارة اللبنانية، يلتقط كرة النار، فليس من متسع للدراسة والتمحيص و عليه إنجاز مهامه بسرعة قياسية وبإمكانات مهنية شبه معدومة.الوزير الوافد إلى الحكومة ، رصيده زاخر سياسيا بعدما بنى حيثيته السياسية منذ العام 1999 .براعته في مد الجسور جعلت منه علامة فارقة في الأداء السياسي ، فهو لم يستلم منصبا رسميا ولم ينهل من خيرات السلطة، بل صنع تجربته على اسس مغايرة تماما للنمط الطاغي في لبنان والقائم على الخدمات بشكل رئيسي .
يسجل مراقبون ، بأن زياد مكاري الوزير السياسي الوحيد في الحكومة الحالية بالمعنى الحقيقي للكلمة، الذي خاض غمار الترشح للانتخابات النيابية عام 2000 ، ثم راكم رصيد من الصداقات والعلاقات خصوصا في صفوف الإعلاميين.لذلك، استعاد حركته النشطة وتحولت دارته في زغرتا خلية نحل حقيقية فور توقيع مراسيم تعيينه، والنقاشات تكاد لا تنتهي في ظل حس نقدي ومشاركة فعالة من عنصر الشباب بكل ما يحوي ذلك من هواجس و هموم، فالمنصب الوزاري ليس نزهة بعد 17 تشرين الأول 2019 بل تجربة محفوفة بالمخاطر و الألغام خصوصا قبيل أشهر قليلة من الانتخابات النيابية.وضع وزير الإعلام عناوين عريضة لنهجه وادائه ، تقوم على نهج التقليل من الكلام قدر الممكن في مقابل بذل الكثير من الجهود، كما الإيمان العميق بالإعلام الرسمي وتعزيز دوره، لذلك اتخذ قراره بأن تكون مقابلته الأولى عبر “تلفزيون لبنان”، ثم التعاون الكامل مع المؤسسات الإعلام الخاصة على اختلافها، كون ميزة لبنان الحضارية قائمة على حرية التعبير .
كما في الإعلام كذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد التزم الوزير الصمت المطبق تجاه الافتراءات عبر نبش حسابه على التوتير على “تويتر”نشر تغريدات يعود تاريخها لسنوات، قابلها وزير الإعلام بلامبالاة ملفتة و بعدم الرد ، كونها من صنيعة جيش إلكتروني محلي يهدف إلى الحرتقة السياسية فقط، وكون مفكرة الوزير مكاري لا تتضمن الرد على الحملات المغرضة مطلقا بل تتسع فقط لقضايا الإعلام و الإعلاميين.