يوم واحد متبقٍ لإقفال باب الترشح للإنتخابات النيابية المقررة في 15 أيار المقبل مبدئيًا. في هذا اليوم الأخير يُعتقد أن سبحة الترشيحات ستكرّ تباعًا وقد يتخطّى عدد المرشحين العدد الذي تم تسجيله في إنتخابات العام 2018، وهو 976 مرشّحًا، من بينهم 111 سيدة.
وعلى رغم عدم وضوح الرؤية بالنسبة إلى تركيب اللوائح والتحالفات في أكثر من دائرة ومع أكثر من فريق، التي تنتهي مهلة تشكيلها في 4 نيسان المقبل، فإن أعداد المرشحين سيتزايد في آخر يوم، على أن يكون لدى أغلبية هؤلاء الوقت الكافي لمعرفة إلى أي تحالف إنتخابي سينضّمون قبل حلول موعد سحب الترشيحات في 30 آذار الجاري.
فبعد إنتخابات العام 2018 التي جرت على أساس القانون الإنتخابي الذي لا يزال ساري المفعول، والقائم على النسبية ، فإن معظم الأحزاب والتيارات السياسية قد أصبح لديها خبرة كافية للتعاطي مع ما في هذا القانون من افخاخ، والقائم في الأساس على ضرورة توصل الكتل والاحزاب الى الحاصل المؤهِّل للفوز بالمقعد قبل التعويل على الاصوات التفضيلية.
في انتخابات 2018، كان من السهل على هذه الأحزاب والتيارات والكتل التعامل مع القانون الجديد القائم على التصويت النسبي والصوت التفضيلي الواحد، نتيجة تفاهمات سياسية مسبقة بعيد التسوية الرئاسية، ناهيك عن أوسع مروحة تحالفات متنقلة ما بين الدوائر الانتخابية، اتاحت للافرقاء جميعاً ان يكون بعضهم حليفاً مباشراً في الانتخابات للبعض الآخر، وفي الوقت نفسه حليفاً غير مباشر لخصمه.
ذهبت الكتل الى انتخابات 2018 تبعاً لاتفاق سياسي مثلته بداية التسوية الرئاسية بإبرازها تقاطعاً شيعياً – سنّياً – مسيحياً غير مسبوق، ثم وجود الرئيس سعد الحريري في رئاسة الحكومة، وصولاً الى تجاهل الخصومة مع “حزب الله” وسلاحه.
بذلك، قبل التدرّب الفعلي على قانون الانتخاب، نجح امرار الاستحقاق بسلسلة تفاهمات اتاحت لتيار “المستقبل” التحالف مع “التيار الوطني الحر” يميناً، ومع حزب “القوات اللبنانية” يساراً، مثلما اتاحت لوليد جنبلاط التحالف مع تيار “المستقبل” و”القوات” من دون ان يتأذى من مواجهة “التيار الوطني الحر”.
انتخابات العام 2018 كانت الاولى بعد سنة ونصف سنة من عمر العهد، حيث بدا الحريري وتيار “المستقبل” حجر الطاحون الذي يدور الجميع من حوله، حيث إنتهت هذه الإنتخابات بالاحجام التي آلت اليها، وخرجت جميع الكتل تقريبًا مرتاحة. كان امام العهد آنذاك متسع طويل من الوقت كي ينخرط الجميع فيه، من ضمن فروق بسيطة. ولكن وما ان انهارت التسوية الرئاسية، حتى بات من المتعذر استيعاب آلية قانون الانتخاب النافذ.
ما يُقال الآن، ونحن على ابواب انتخابات مغايرة عن السابق، ان القانون النسبي بصيغته العجيبة قد حوّل الناخبين إلى ارقام وحواصل محسوبة، تركض وراءها لوائح الكتل للفوز بالمقعد. اكتشِف المعنيون سرّ قانون الحاصل المؤهِّل والصوت التفضيلي، وأدركوا أنه حاجة لكل اللوائح، الواحدة تلو الأخرى، وليس الى مرشحين هامشيين، وهم باتوا بمثابة اوزان اضافية ثقيلة من اجل توفير حاصل الفوز بالمقعد. وهذا ما يبرر ذهاب الكتل والاحزاب الى التحالف مع شخصيات محلية، غير حزبية او مستقلة بإيحاءات ملتبسة، في الدائرة الواحدة على إفتراض أنها قادرة على الاستقطاب والتجيير، بغية مضاعفة اصوات الحاصل المعّول عليه تمهيدًا لمرحلة الاقتراع الحزبي المنتظم في غالبيته والمحسوب سلفاً والمعدّ لفوز المرشحين الحزبيين بالاصوات التفضيلية.
في حلقة الغد مقارنة بين ظروف إنتخابات 2018 ومعطيات إنتخابات2022.