هذا ما يعنيه عزوف الرئيس ميقاتي عن الترشح للإنتخابات النيابية

15 مارس 2022آخر تحديث :
هذا ما يعنيه عزوف الرئيس ميقاتي عن الترشح للإنتخابات النيابية


قبل يوم من إقفال باب الترشح للإنتخابات النيابية أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عزوفه عن الترشح.
 

فهذا العزوف لا يعني تخّليًا عن المسؤولية. هذا ما فعله في الماضي. وهذا ما يفعله اليوم.
 
في إنتخابات العام 2005 لم يترشح. لكنه لم ينسحب من الساحتين السياسية والوطنية، وبقي حاضرًا أكثر من أي وقت مضى، وأشرف على الإنتخابات بتجرّد وشفافية. وهكذا سيفعل هذه المرّة. 
 
فالعمل الوطني والإجتماعي لا يحتاج إلى تأشيرة أو إلى لقب أو إلى “نمرة زرقة”، بل إلى حضور دائم مع الناس، بعيدًا عن الشعبوية، وبعيدًا عن “الهوبرة” وكثرة الكلام. 
 
الرئيس ميقاتي يوم قرّر عدم الترشحّ في المرّة الأولى لم يعتبر أن العمل الوطني يكون فقط من خلال العمل النيابي، على رغم أهمية هذا الموقع، تشريعًا ومراقبة ومحاسبة، وهذا ما قاله بالأمس في كلمة العزوف، حيث أكد “أن الانتخابات النيابية تشكّل محطة أساسية في مسار العمل البرلماني الذي يتميز به لبنان. وفي هذه المرحلة الدقيقة التي يعيشها وطننا ، تنظر الغالبية الساحقة من اللبنانيين الى هذا الاستحقاق، بكونه معبرا ضروريا لنقل لبنان من مرحلة الى أخرى وتجديد الحياة السياسية على نحو متقدم.” 
 
ما ورد في هذه الكلمة تأكيد أن الرجل يتطلع إلى المستقبل وإلى ما يمكن أن يحمله للبنانيين، على رغم قتامة الأجواء التي تسيطر اليوم، وعلى رغم ما يعيشه اللبنانيون من مآسٍ وكوارث. فقد دعا  جميع الراغبين بخوض هذا الاستحقاق الى التقدّم بترشيحاتهم، “ولتكن المنافسة الفعلية في هذا الاطار على ما يلبي طموحات اللبنانيين في التغيير الحقيقي، والبرامج الانقاذية ، وليس على نبش الاحقاد وتأجيج الخلافات والانقسامات والعودة الى الاصطفافات السياسية التي لا طائل منها. ولقد اثبتت التجارب الماضية، ان لا أحد يمكنه الغاء أحد، وأن هذا البلد لا يحكم الا بالشراكة بين جميع أبنائه، مهما إختلفت اراؤهم وتباينت توجهاتهم.” 
 
بهذه الروحية أعلن الرئيس ميقاتي مرّة جديدة أنه باقٍ بين أهله وناسه، وخصوصًا في طرابلس، عندما دعاهم الى المشاركة في الانتخابات، “إذ لا يجوز التلكوء عن القيام بهذا الواجب الوطني، لأي سبب كان”، مؤكدًّا “أن كل ورقة إنتخابية توضع في صندوقة الإقتراع قادرة على إحداث التغيير المنشود”. 
 
 ما أقدم عليه الرئيس ميقاتي بالأمس نابع من قناعته “بحتمية التغيير وبضرورة افساح المجال أمام الجيل الجديد، ليقول كلمته ويحدد خياراته، عبر الاستحقاق النيابي المقبل”، وإنطلاقًا من قناعته أيضًا “بأن يكون المسؤول مجردا بالكامل من أي مصلحة،لا سيما في هذا الاستحقاق الديموقراطي الذي نحن مقبلون عليه، كان قراره الجريء، مع إلتزام مطلق بأن يبقى مع ناسه وأهله في طرابلس وفي كل لبنان… “ستبقى طرابلس في قلبنا ووجداننا، إينما حللنا، وفي اي موقع نحن فيه، نحمل همّها ووجعها وفرحها، ونعمل على بلسمة جراحها بعزم وسعادة بكل الامكانات المتاحة”. 
 
فبعد هذا القرار، الذي سبق أن مهدّ له بسلسلة من الإتصالات واللقاءات والمشاورات، لن تكون الساحة مشرّعة للطارئين وللباحثين عن إقتناص الفرص، لأن العمل النيابي هو جزء من عمل وطني متكامل العناصر والمعطيات. فغياب الرؤساء: سعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام عن الندوة البرلمانية لا يعني إطلاقًا التخّلي عن المسؤولية الوطنية، ولا تعني أيضًا التخّلي عن الحضور الدائم والفاعل في المعادلات السياسية والإجتماعية، من خلال المواقف الوطنية ومن خلال العمل الإنساني، الذي لا يمكن ربطه بأي إستحقاق زمني أو مكاني آخر. فهو حلقات متواصلة ومتشابكة ومحكمة الترابط بشراكة لا تنفصم بين العملين السياسي والوطني والإجتماعي. وقد يكون لبنان في حاجة اليوم إلى العمل الإنساني أكثر بكثير من العمل السياسي. 
لكل هذا، كان قرار الأمس، وسيكون حتمًا قرارًا للحاضر والمستقبل.  
   

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.