برّي “يُهادن” ويعلن “معركة”.. من المستهدف؟

15 مارس 2022


بشكل واضحٍ وعلني، أرسى رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمس، قواعد اللعبة التي على أساسها ستخوضُ حركة “أمل” معركتها الانتخابيّة في 15 أيار. ففي المضمون، كان برّي واضحاً في التوجّهات حاسماً في الخيارات، إذ استنهضَ جمهور حركة “أمل” لخوض الاستحقاق الدستوري القادم بثباتٍ من أجل الرّد على كل الحملات التي طالت الحركة والبيئة الحاضنة لها.
فعلياً، حدّد بري أهمية الانتخابات بربطها بالاهتمام الدّولي بها، في حين أن ما بدا لافتاً في خطابه هو أنّه لم يفتح النار والجبهة على أي طرفٍ آخر بعكس ما فعلته الأطراف السياسيّة الأخرى خلال اليومين الماضيين. 
في نظرة على خطاب رئيس مجلس النواب، يتبيّن تلقائياً أنّ بري تركَ عناوين المواجهة في الإطار العام، بعدما أشار إلى أنّ “البعض يريد أن يجعل من الاستحقاق الانتخابي مناسبة لتسييل ما تم الاستثمار عليه من مشاريع فتن مذهبية وطائفة وحملات تشويه وافتراءات بلغت ذروتها في السنوات الـ3 المنصرمة، ناهيك عن اسثمار وجه الناس عن غير وجه حق”.
هنا، لم يُحدّد بري الجهة التي يعنيها، لكنهُ في الوقتِ نفسه أدى الرسائل المطلوبة باتجاه أكثر من طرف. أما الأمر الأهم هو أنّ رئيس حركة “أمل” لم يفتح خطوط معركة مباشرة ضدّ التيار “الوطني الحر” الذي يعتبرُ الخصم الأول لبرّي، وهنا كانت المُفارقة. وحتماً، قد يعود ذلك إلى خطوة باتجاه التهدئة بين الطرفين لاسيما أن هناك “تحالف مصلحة” بينهما في أكثر من مكانٍ، وهو الأمر الذي أملته الظروف السياسية والانتخابية على برّي أولاً وعلى “الوطني الحر” ثانياً. 
ضمنياً أيضاً، لم تكن سهامُ برّي غير المباشرة بعيدة عن “القوات اللبنانية”، إذ جدّد المواقف نفسها التي طالت الحزب الأخير في وقتٍ سابق عندما تحدّث عن “الجهات التي تستثمر في مشاريع فتن مذهبية”. وبشكل أو بآخر، أراد برّي توجيه الرسائل الحاسمة والقاطعة بأن التحالفات الانتخابية ستكون متوقفة عند هذا الأمر، في حين أن تذكيره بـ”مجزرة الطيونة” كان الموقف الجازم بأنّ أي تحالفٍ على حساب المحاسبة بشأن تلك الأحداث، لن يمرّ أبداً.
بكل بساطة، كانت رسائلُ برّي واضحة باتجاه الخصوم والحلفاء.. فنحو “القوات اللبنانية” تتكرّس المعركة، وباتجاه “الوطني الحر” سيكون هناك توافق ممزوج بطعم التنافس. أمّا في ما خصّ الحليف رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط، فقد تبين أن برّي لن ينغمس مع الأخير في أي تحالفٍ يتعارض مع العناوين الأساسية لمعركة حركة “أمل” الوجوديّة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمعركة الطيونة بالدرجة الأولى.
وعلى صعيد العناوين الرئيسية للحملة الانتخابية، فإنّها جاءت ضمن الإطار العريض والقانوني والتشريعي. وبشكل مباشر، لم يتبنّ بري عبارة “معالجة” الأوضاع، بل طالب بالمسارعة بإنجاز القوانين التي تكفل انطلاق لبنان من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج، والاتفاق على توزيع الخسائر وعدم المس بحقوق المودعين. هنا، كان برّي متحرراً من الوعود التي قد لا يتم تطبيقها وسط الكباش السياسي الذي قد يطرأ من جديد، لكنه كان واضحاً بإرساء المعادلة التشريعية باعتبارها الطريق الأول نحو تحقيق الأهداف والرؤى الانتخابيّة.