كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”:حاول رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إظهار أكبر قدر من التماسك السياسي والحزبي الداخلي في مناسبة 14 آذار، استعداداً للانتخابات النيابية. لكن اللغة واللهجة والأداء أظهرت العكس تماماً. عدا عن أن الخطاب السياسي الذي استهدف خصومه كشف عن قلق انتخابي، سبق لباسيل أن عبّر عنه في طريقة مماثلة في 13 تشرين الفائت وفي أكثر من خطاب.
اليوم يمكن القول إن هناك طرفين متناقضين: العهد وحزب الله وأمل ومعهم حلفاؤهم، وفريق آخر عبارة عن مجموعة أحزاب وشخصيات ومستقلين وخارجين من رحم تظاهرات 17 تشرين ومجتمع مدني، لم يحصل أن تداخلت انقساماتهم وتمايزت إلى هذا الحد، وبدأت تترك أثراً سلبياً مسبقاً على الناخبين. ويبدو من خلال بعض المظاهر الانتخابية وكأن هدف كل من هؤلاء، ليس كسر الفريق الآخر، إنما كسر الطرف الذي يقف معه في مواجهة العهد وحزب الله وحلفائهما. فبقدر ما يحاول باسيل تحقيق سبق في قيادته المركزية والسياسية، تسعى الأحزاب المسيحية وبعض الشخصيات المستقلة، إلى فعل الأمر نفسه، كل طرف في منطقته، لتأكيد زعامته المناطقية، في شكل يفوق أهمية تحقيق نصر على خصومها. بحيث يصبح المهم تحصيل المقاعد النيابية على حساب الأهم وهو خوض معركة ضد الموالاة. بذلك يختلف الجميع مع الجميع، لا المستقلون راضون بالأحزاب المعادية للسلطة، ولا الأحزاب راضية بما يريده المستقلون، وما تريده الأحزاب الأخرى سواء كان اسمها الحزب التقدمي أو القوات اللبنانية أو الكتائب أو الأحرار أو أي طرف آخر. ولا المنبثقون من مشاهد 17 تشرين أو المجتمع المدني قدموا نموذجاً جديداً من العمل الانتخابي الذي يترجم تشرذماً داخلياً أيضاً. وجاء موقف الحريري من تحرك الرئيس فؤاد السنيورة الانتخابي ليزيد من مشهد انقسام القوى المعارضة. فزاد أداء الحريري بعد تعليقه العمل السياسي من حجم التشتت في المجتمع السني، بين مؤيدين ورافضين، الأمر الذي سيضاعف من حجم الإرباك في تأييد الناخبين للتحالفات التي يصر السنيورة على صوغها في إطار المشاركة في الانتخابات. كل ذلك يجعل من ساحة المعارضة خاصرة رخوة يسهل استهدافها، وتجعل من خصومهم، وهذا لا يحتسب للتيار، يتحركون في الاتجاه الصحيح، طالما أنهم يعرفون مكامن الضعف التي بدأت تظهر في عدد من الدوائر نتيجة كمية الأخطاء التي ترتكب يومياً.