تعقد الجمعية العمومية للمصارف اجتماعاً طارئاً، اليوم، لمناقشة الردّ المناسب على القرار الصادر عن النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، بوضع إشارة منع تصرّف على أسهم وحصص خمسة مصارف هي: بنك بيروت، بنك عودة، بنك لبنان والمهجر، بنك البحر المتوسط، وسوسييتيه جنرال.
وبحسب جريدة ” الاخبار” فان الهدف من الدعوة أن يعكس الاجتماع وحدة مصرفية في وجه القرار القضائي بعد خلافات عميقة ظهرت في اجتماع مجلس إدارة الجمعية أول من أمس، فضلاً عن أنها ستكون مناسبة للردّ على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يضغط على المصارف لدفعها إلى التخلّي عن سيولتها بالدولار مقابل سيولة بالليرة تستعمل لتسديد الرواتب الإضافية الممنوحة للقطاع العام.
ولا يُتوقع الكثير من الجمعية العمومية، باستثناء رد على شكل بيان يكيل الاتهامات السياسية للقاضية عون، وإشارة إلى وجود مصارف لن توافق على التخلّي عن سيولتها الخارجية كرمى لعيون مصرف لبنان. هذا هو الحدّ الأقصى الذي قد يتوافق عليه المصرفيون في هذه الأيام. فهم منقسمون بين آراء مختلفة: بعضهم يعتقد بأن الدفاع عن المصارف الخمسة ليس مهمّة كل القطاع المصرفي، ولا سيما أن هذه المصارف كانت الأكثر استفادة من الهندسات المالية ومن السيولة بالدولار التي وفّرها لها مصرف لبنان في بداية الأزمة. مصرفيون آخرون، يعتقدون أنه لا ضرورة لاستثارة عداء القاضية عون التي حقّقت مع عدد من المديرين والموظفين الكبار في مصارف من غير التي ادّعت عليها، ولم توجّه لهم أي اتهامات بعد. بالتالي لا ضرورة لفتح أعينها على بقية المصارف. كما أن بين المصارف الخمسة المشمولة بقرار عون، من يعتقد أنه لا ضرورة لزيادة النقمة الشعبية على المصارف في هذا التوقيت بالذات.
خلال أربع ساعات من النقاش في اجتماع مجلس إدارة الجمعية أول من أمس حول آلية الردّ على القرار القضائي، لم يتمكن المجتمعون من رأب الصدع بين داعين إلى إضراب مصرفي واسع والتصعيد في مواجهة القرار القضائي، وبين راغبين في “السترة”. رئيس الجمعية سليم صفير حاول أن يدفع في اتجاه الإضراب، إلا أن بعض ممثلي المصارف المشمولين بقرار عون أعربوا عن قلقهم مما قد يستجرّه الإضراب من زيادة نقمة المودعين. لذا، انتهى الاجتماع بدعوة الجمعية العمومية إلى الانعقاد، وفي غضون ذلك يتولّى كل مصرف الردّ إفرادياً. هكذا أصدر “بلوم بنك” بياناً أمس لتفنيد موقفه من قرار القاضية، فيما أكد كل من “بنك ميد” و”سوسييتيه جنرال بنك” أنهما، منفردين، سيتقدمان بخطوات قانونية لاستئناف قرار عون، أو كفّ يدّها، أو أي خطوات قانونية أخرى ممكنة.
وبحسب ” الاخبار” ايضا فقد عمدت مجموعة “الشعب يريد إصلاح النظام” التي ادّعت على المصارف الخمسة، والتي يمثّلها المحامي حسن بزي، إلى تنفيذ قرار القاضية غادة عون بشأن إشارات منع التصرّف. وأشار بزي إلى أن “إشارات منع التصرّف وضعت على كافة عقارات المصارف الخمسة والسيارات والمركبات التابعة لها والأسهم والحصص العائدة لها في الشركات، فضلاً عن العقارات والسيارات والحصص العائدة لرؤساء هذه المصارف وأعضاء إداراتها، والمقدرة بنحو 250 عقاراً”. وأوضح بزي أن هذه الخطوة تعني أن المصارف الخمسة “لم تعد قادرة على التصرف بممتلكاتها لا بيعاً ولا رهناً ولا تأميناً، وهذه الأموال هي ضمانة للجهة المدّعية بهدر حقوقها في المصارف، وهي كذلك ضمانة لصغار المودعين المتضررين”. ووفق تقديرات بزي فإن لدى المصارف في لبنان نحو 3000 عقار.وأبلغت اوساط سياسية قريبة من القطاع المصرفي الى “الجمهورية” ان ما تتعرّض له المصارف من ملاحقات عبر القاضية غادة عون ينطوي على محاذير كبيرة.
واعتبرت هذه الاوساط “ان المصارف تتحمل بالتأكيد جزءاً من المسؤولية عن الانهيار المالي، ولكنه الجزء الأصغر إذ يأتي قبلها في سلّم المسؤوليات الدولة ومصرف لبنان”، لافتة إلى “انّ الطبقة السياسية التي تعاقبت على السلطة وتسببت بخياراتها الاقتصادية في الانزلاق الى الهاوية يناسبها التصويب على القطاع المصرفي لصرف الانتباه عنها ولَصق كل الموبقات به”.
واشارت الاوساط نفسها الى “انّ ملاحقة أصحاب المصارف ورؤساء مجالس إدارة عدد منها قد يكون تعويضا عن البطء في التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان المركزي”، مشيرة الى “انّ التصويب على المصارف هو إجراء شعبي ويرضي الناس المحتجزة ودائعهم ولكنه لا يعطيهم الحلول”. ونبّهت الى “ان المصارف اذا شعرت بأنها تُساق الى الذبح فإنها ربما تطبّق سياسة “عليّ وعلى أعدائي يا رب”، كأن تعلّق عملها حتى إشعار آخر، مع ما سيعنيه ذلك من توقف عن تسديد رواتب الموظفين وإجراء العمليات المصرفية الضرورية، الأمر الذي من شأنه ان يترك تداعيات وخيمة”، آملة في أن لا تعتمد المصارف هذا الخيار في مواجهة الإجراءات المتخذة ضدها، لأنّ كلفته على المواطنين والاقتصاد ستكون باهظة.