“عاصفة فرنسبنك” تؤجج صراع المصارف والمودعين.. وميقاتي يحذر من عشوائية وانفعالية” في القضاء

17 مارس 2022
“عاصفة فرنسبنك” تؤجج صراع المصارف والمودعين.. وميقاتي يحذر من عشوائية وانفعالية” في القضاء


يمكن وصف الفصل الطارئ الجديد الذي حصل امس من الصدامات بين المصارف و”جانب” قضائي بانه “عاصفة فرنسبنك” التي خرقت كل المناخ الانتخابي الذي تصاعد عقب اقفال باب الترشيحات منتصف ليل الثلثاء الماضي.
ومن “الطريقة الاستعراضية والبوليسية” في مقاربة الملف المصرفي، حذر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال الجلسة من “تطوّر الأمور إلى ما لا تحمد عقباه” بشكل سيجعل المودعين “يدفعون الثمن مجدداً”، مصوّباً بشكل خاص على “ما يحصل من عشوائية وانفعالية” في القضاء تجاه المصارف، في إشارة إلى أداء القاضية غادة عون من دون أن يسميها، مكلفاً وزير العدل متابعة الملف وإعادة تصويب الأمور، انطلاقاً من تشديده على أنّ “ما يحصل في هذا المجال لا يمت إلى الأصول القضائية بصلة”.

وكشفت مصادر مصرفية لـ”نداء الوطن” أنّ قرار إقفال كل المصارف العاملة على الأراضي اللبنانية “بات موضوعاً على طاولة جمعية المصارف ما لم يبادر مجلس الوزراء إلى تحمل مسؤولياته في حماية القطاع المصرفي”، على اعتبار أنّ ما يتعرض له القطاع كناية عن “ممارسات تعسفية غوغائية تنطلق من حسابات شعبوية انتخابية من قبل الجهات القضائية المحسوبة على العهد العوني وتياره”، وطالبت إزاء ذلك الحكومة بضرورة “إنهاء “الفوضى القضائية التي تفرض على المصارف اعتماد مبدأ الاستنسابية في تحصيل الودائع بين عميل وآخر”، داعيةً إلى “الإسراع في سنّ التشريعات اللازمة للتعامل مع الأزمة المالية والنقدية الراهنة وفي مقدمها إقرار قانون الكابيتال كونترول”.وإثر إثارة قرار ختم صناديق “فرنسبك” بالشمع الأحمر بلبلة في صفوف مودعيه، لا سيما لناحية إعلان المصرف التوقف عن دفع رواتب موظفي القطاع العام وعناصر الجيش والقوى الأمنية، عادت القاضية مريانا إلى طلب إزالة الشمع الأحمر شفهياً عن بعض الصناديق غير أنّ إدارة “فرنسبك” رفضت الامتثال على اعتبار أنّ “قرار وضع الشمع الأحمر أتى خطياً ولا يُرفع إلا بقرار قضائي خطي آخر”، فأرسلت عناني “مباشرة قضائية” لإزالة الشمع الأحمر بنفسها من دون قرار خطي بذلك، وهو ما استغربه مصدر مسؤول في فرنسبك، موضحاً لـ”نداء الوطن” أنّ “المُباشِرة أزالت الشمع الأحمر عن صندوقين من أصل 5، وعليه فإنّ فروع فرنسبنك التي ستفتح اليوم أبوابها لن يكون بمقدورها تلبية حاجة المواطنين من “الكاش”، أما بالنسبة الى فرع الحمرا فستسدد الأموال النقدية المتوافرة داخل الصندوقين اللذين أزيل عنهما الشمع الأحمر علماً أنّ كل واحد منهما لا يحتوي على أكثر من 10 إلى 15 ألف دولار، وعليه فإنّ الدفع سيتوقف فور نفاد هذه الكمية من المال لأنّ الإدارة لن تتمكن من تغذية صناديقها من “caisse centrale” نتيجة إستمرار ختمه بالشمع الأحمر”.

وكتبت” الاخبار”: هناك العديد من الدعاوى التي تنتظر المصارف باعتبار أن قرار القاضية مريانا عناني فتح الباب أمامهم، إلى جانب قرارات قضائية أخرى مماثلة جرى التعتيم عليها. ففي مطلع 2020 نجحت مجموعة «الشعب يريد إصلاح النظام» في الاستحصال على قرار بإنفاذ الحجز التنفيذي على موجودات مصرف «بلوم بنك» ومنع سفر أعضاء مجلس إدارته قبل أن يقوم المصرف بردّ الوديعة للمدعي، وقبل نحو أسبوع قضى قرار قضائي ضدّ بنك الاعتماد اللبناني بردّ الوديعة أو بإلقاء الحجز الاحتياطي على موجودات المصرف ما أبقى فرع المصرف مغلقاً ليومين. القضية ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة.وبحسب” النهار” فان هذه العاصفة القضائية اتخذت دلالات وأبعاداً ورتبت مفاعيل أشد وقعاً واكثر اثارة للذعر لدى المودعين من أي جولة سابقة من جولات ملاحقة القاضية غادة عون لعدد من المصارف. ذلك ان الحجز على مجمل ممتلكات وفروع “فرنسبنك” امس شكل سابقة بكل المعايير ولو كان الامر متصلا بمساءلة قضائية تتصل بالتزام احد فروع المصرف تسديد وديعة لاحد المودعين. الخطورة لم تترتب على ملاحقة قضائية وفق الأصول، لكن في ما اثاره اقفال فروع المصرف من تداعيات واسعة يخشى ان تتدحرج تباعا وان يكون المودعون مجدداً وقوداً وضحايا دائمين لهذا الصراع الذي يصعب تصور عدم وجود انامل سياسية تحركه بين القضاء والمصارف لغايات مريبة. ولم يكن الذعر الذي اثاره هذا التطور غريبا اذ يكفي ان يكون المصرف موضوع الملاحقة معنيا بدفع رواتب ومخصصات الجيش وقوى امنية أخرى لتصور حجم الذعر الذي اثاره تنفيذ اجراء قضائي مفاجئ عطله تماماً عن تقديم الخدمات فيما لاحت معالم مواجهة بالغة الخطورة بين المصارف والقضاء والسلطة السياسية عقب هذا التطور. الامر الذي يطرح بإلحاح واكثر من أي وقت مضى منذ انفجار الكارثة المالية والمصرفية التي احتجزت ودائع اللبنانيين موضوع الضمانات للمودعين وكيف ومتى تصبح الودائع مضمونة وغير مهددة بالضياع التام ؟
إذن وفي سابقة قضائية – مصرفية نفذ الحجز فجأة امس على “فرنسبنك” عقب شكوى تقدم بها شخص حول استرجاع وديعة اكد المصرف انه استرجعها كاملة، فأقفل كل فروعه. وأثارت الخطوة احتمالات واسعة من انها قد تكون مفتاحا لخطوات أخرى قد يقدم عليها مودعون آخرون، يتابعون عن كثب نتائج ما حصل مع “فرنسبنك”، فيقدمون على إلقاء الحجز على موجودات بنوك أخرى، التي ستتوقف تاليا عن العمل، وهكذا دواليك الى أن يصبح لبنان بلدا خاليا من المصارف ومعزولا عن حركة الاقتصاد العالمي، ومتخلفا في قطاعه المالي.
وفي ظل ذلك اثارت مصادر مصرفية تساؤلات حول ما يمكن حصوله اذا ما فَعَّلَت الدولة وقضاءها “الحجز” على أملاك وموجودات المصارف، “وألا يخاف أو يعي من يجعل من هذا الملف ورقة مزايدات إنتخابية، أن تبدأ الدعاوى من خارج لبنان تنهال على المصارف ويبدأ الحجز الجماعي على ممتلكات الدولة ومعها ربما مصرف لبنان، ويدخل لبنان في نفق مالي مظلم لا نهاية له، فيخسر اللبنانيون العالقون ما بين العوز والفقر، وبين ندرة السيولة بعض المصل المالي الذي كان يمدهم ببعض القدرة على الصمود”.أوساط مصرفية تخوفت عبر “البناء” من الانعكاسات السلبية لهذه القرارات رغم أحقيتها، على القطاع المصرفي والاوضاع المالية لجهة استمرارية التعاملات المصرفية اليومية وعلاقة مصارف لبنان بالمصارف المراسلة والاجنبية فضلا عن الإرباك في الأسواق وارتفاع سعر صرف الدولار وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية في حال توقفت المصارف عن تحويل الأموال للمستوردين الى الخارج”.