تُجمع القوى السياسية وفق ما يُسرّب من بعض المطلعين على جلساتها الخاصة ان ما بعد الانتخابات النيابية لن يكون كما قبلها خصوصاً لجهة اعادة تشكيل نظام سياسي جديد.ويقول هؤلاء أن معرفة حقيقة الخطوات السياسية في لبنان يجب أن تكون مرتبطة بفهم عميق لما تريده بعض هذه القوى من خلق نظام جديد وإعادة ترتيب الصلاحيات وما الى ذلك من تطورات ستطرأ على المشهد السياسي اللبناني في المرحلة المقبلة.
أولى الخطوات التي ستنطلق منها القوى السياسية في لبنان ستعتمد على نتائج انتخابات 2022 لرسم خارطة تقسيم النفوذ وتحديد الأقوى عملياً في الساحة السياسية الذي سيكون قادراً على الفوز بالكباش الدستوري المرتبط بالنظام السياسي الجديد.لكّن نتائج الانتخابات ليست وحدها من تقرر هذا التوجّه ومساره ومصيره، إذ إنّ التسويات الاقليمية ستلعب دوراً رئيسياً في ذلك أيضاً. فالتسوية الاميركية – الايرانية مثلاً قد تساهم في اعادة ترتيب البيت اللبناني بتوافق بين جميع الاطراف، خصوصاً وأن ثمة رغبة مشتركة بعدم وقوع لبنان في فوضى هدّامة، لكنّ حصول تطورات ايجابية بين السعوديين والايرانيين سيكون له الدور الاكبر في ملفّ النظام السياسي الجديد. من هُنا، فإن عامل التسويات الاقليمية والدولية سيكون له حضور بارز في هذه المرحلة.
وبعيداً عن التسويات الكبرى في المنطقة وتبعاتها على لبنان، من المفيد ملاحظة حراك القاضية غادة عون الذي يعتبره البعض مدفوعاً من “العهد” ويستهدف المصارف عموماً والمصرف المركزي بشكل خاص، ما يعزّز فرضية ضرب ما يسمّى بالدولة العميقة أو أقلّه تهشيمها وإضعافها قدر الإمكان. ويبقى السؤال الاول والأخير، من هو المستفيد من تفتيت الدولة وإنهاك القطاع المصرفي قبل النظام السياسي المفترض والمتوقع الوصول اليه في المرحلة المقبلة؟ ومن هو الرابح الاكبر من هذا الكباش في حال استمرّ استنزاف الواقع داخل الدولة العميقة وضرب بعض المؤسسات الاساسية التي كانت تشكل البنية الحقيقية للدولة اللبنانية؟تقول مصادر مطلعة أن التوازن في السنوات الاخيرة وبعد تراجع قوى الرابع عشر من آذار وتقهقرها كان قائماً بين المؤسسات المرتبطة بالقطاع المصرفي والتي كانت اقرب الى الجو الاميركي وبين “حزب الله”، لذلك فإن الانهيار الذي قيل بأن الاميركيين سعوا اليه كان يهدف الى ضرب “حزب الله” ولو كان ذلك سيؤدي الى شرذمة الدولة العميقة التي كانت مؤيدة نسبياً للاميركيين على اعتبار أن بناءها يمكن أن يتحقق من جديد.
لكن وبعد سنوات من الضغوط الاقتصادية والانهيار الكبير على كافة الصعد ومع اقتراب التسوية الاقليمية وموعد الاستحقاق النيابي وفي ظلّ استشعار واشنطن أن كل الضغوطات لم تؤد الى ضرب “الحزب” بالمباشر وبالشكل المطلوب بل لا يزال قادراً على التحكّم بكل تبعات الانهيار يصبح السؤال المطروح حول المصلحة من ضعضعة القطاع المصرفي في هذه اللحظة الحساسة يتضمّن تفصيلاً آخر؛ من هو الطرف الذي سيكون في لحظة التسوية الكبرى قادراً على اعادة البناء؟ المصارف؟ القطاعات المالية المُهشّمة؟ ام الطرف المنتصر والاقوى في لبنان؟