الانتخابات النيابية…. “حراك في الوقت الضائع”

19 مارس 2022
الانتخابات النيابية…. “حراك في الوقت الضائع”


قد يكون أفضل توصيف للمرحلة الحالية التي تمر بها البلاد، هي عبارة “الحراك في الوقت الضائع”، فالجميع وعلى الرغم من محاولات بعضهم الجدية والحثيثة لانتشال البلاد من جهنمها الاقتصادي يدركون في قرارة انفسهم ان المنطقة ومعها لبنان لم يبلغا مرحلة الحل والاتفاق.

فبصريح العبارة، تتردد في مختلف المجالس أخبار عن استمرار الاوضاع على ما هي عليه حتى انتهاء الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة الأميركية وايران والوصول الى خواتيم سعيدة يتم خلالها تحديد الوجهة التي سيبحر نحوها لبنان.
وهنا يظهر الدور الذي لا بد من ان يؤديه اللبنانيون حتى يكون صوتهم مسموعا، فتأتي الوجهة بما يرغبون ويتمنون وغير مطابقة 100 بالـ 100 لما يرسمه اللاعبون الكبار.
في هذا السياق، يقول البعض انه، اذا كان الحلّ مرتبطا بالعوامل الخارجية حتما فلا امكانية للحديث عن دور فعلي للعنصر اللبناني الصرف، لذلك لا بد من التذكير بأهم المحطات التاريخية التي مرّ بها لبنان والتي تم تشكيله عبرها، وهنا نستحضر قيام دولة لبنان الكبير الذي وعلى الرغم من الاتفاقات الدولية لتشكيله بقيت التفاصيل في يد الداخل الذي شكل رجالاته وفودا للتاكيد على المطالب بالشكل والمضمون.
اذا، لا يمكن ان يتخلى اللبنانيون عن دورهم ونضالهم من أجل الوصول الى تركيبة قد لا تكون جديدة انما متجددة ترضي الجميع وتخلق نفسا جديدا قادرا ان يمتطي مركب الحلول بدلا من التلهي في وصف جهنم وعذاباتها ونيرانها وانينها.
وداخل غرف الانتظار المفعمة بالطوابير والدولار المتفلت ونسب الفقر والعوز والجوع المخيفة، تظهر الانتخابات النيابية بشعاراتها الرنانة والكبيرة، الداعية الى التغيير وقلب الطاولات، حتى يكاد يظن البعض ان لبنان في 16 أيار سيتحوّل الى جنة أو بالحد الادنى الى بلد يشبه الى حد كبير سويسرا وغيرها من الدول المتطورة والحديثة.
وهنا، لا يأتي هذا الكلام في اطار الاستخفاف باستحقاق أيار الدستوري أو باطار محاولة تسخيفه، انما يأتي من واقعية لابد من معرفتها وتحليلها ومن ثم العمل على تغييرها.
وفي السياق ، أكد مصدر مطلع لـ “لبنان 24” أن “البحث الفعلي هو عن مشهدية جديدة يحكم من خلالها لبنان.
وهنا، تبدو مختلف الأطراف متمسكة بالطائف وراغبة في ان ينطلق التعديل من الثوابت التي تم التأكيد عليها في العام 1989، اذ ان اي تعديل يطرأ على التوازنات الحالية سيؤدي حتما الى تغيير وجه لبنان سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وعلى ما يبدو أصبحت القناعة راسخة عند القوى المؤثرة عامة في ان لبنان يجب ان يبقى ديموقراطيا ومتمتعا باقتصاد حرّ ، واي كلام خارج هذا المنحى سيؤسس فعلا لنهاية هذا البلد”.
وأضاف المصدر ” ان عدم التعويل على الانتخابات النيابية يأتي من باب الواقعية، فالجميع يعلم ان الاشكالية الأساسية تتجه نحو “حزب الله” ووجوده بالشكل الحالي. والانتخابات لن تفرز الا تجديدا اكيدا لوجود الحزب وحلفائه بأعداد متنامية يؤمنها النظام الانتخابي الحالي وتسهم فيها بطريقة او بأخرى الوضعية السنية الآنية.
وللتوضيح لا نورد هذا التحليل من باب التهجم على حزب الله أو قوى الثامن من أذار، انما من باب المدرك للمشكلة الدولية والاقليمية”.
ويشير المصدر الى انه “وفقا للمعطيات وعلى عكس الصورة المتداولة ما زالت امكانية عقد اتفاق بين أميركا وايران ممكنة وقائمة وأكثر من أي وقت مضى، لكن هذا لا يعني ان الاتفاقية وما سينتج عنها سيتم معاينتهما في القريب العاجل.
لذلك، لا بد من التعاطي بواقعية مع الأحوال الصعبة ولا بد من الدفع نحو المحافظة على ما تبقى من حقوق للمواطن وهذا ما لا تحققه القرارات العشوائية والسريعة حتى لو كانت تحمل في طياتها شيئا من الحقيقة”.
ويختم المصدر معتبرا أن “الحرب في اوكرانيا التي أمالت النظر عن لبنان واضافت مجموعة أزمات على ازماته اللامتناهية، قد تحمل بعض الايجابية الى الداخل اللبناني، اذ ان عودة روسيا الى المشهد الدولي كلاعب اساسي اعاد خلط الاوراق، ما جعل القوى الكبرى تنظر بطريقة جديدة الى مختلف دول العالم وضمنا لبنان”.