هدية الأمّ في عيدها لم تعد كالسابق…

21 مارس 2022آخر تحديث :
هدية الأمّ في عيدها لم تعد كالسابق…


كتبت رحيل دندش في الأخبار:
 
 
بدل أن يكون عيد الأم مناسبة سعيدة كما ينبغي له، صار في لبنان وعلى وقع الانهيار الاقتصادي مناسبة يشوبها الهمّ. فقد أثقلت الأزمة الاقتصادية كاهل المواطنين الذين تبخّرت قيمة رواتبهم وصار الاحتفال رفاهية لا يقدر على متطلباتها القسم الأعظم من الناس«الهدايا السيئة»العروضات متعدّدة وما على الباحث عن هدية إلا ترتيب أموره وفق ميزانيته. الفولارات والبيجامات والقطنيات والأحذية الطبية لا تزال على رواجها في عيد الأم، ولكن صارت كل قطعة تأتي منفردة، فبدل أن تأتي العباءة منسّقة مع فولارد، صارت الهدية «فولارد» يُراوح ثمنه بين 100 و250 ألف ليرة. «لا وجود لعباءة سعرها دون الـ700 ألف ليرة وإلا كانت من النوعية الرديئة» بحسب نهال البائعة في متجر للعباءات، وتضيف: «أما العباءة الخليجية فسعرها يبدأ من 50 دولاراً».
من ناحية أخرى، عادت «الهدايا السيئة» تتصدّر المشهد، وهي سيئة لأنها غير مخصصة للأم إنما لمتطلبات المنزل، كالأدوات المطبخية والتنظيفية كالطناجر والفناجين والملاءات وغيرها كونها في متناول القدرة الشرائية للغالبية. تقول بتول إنها اشترت لأمها «طقم فناجين للقهوة بـ 200 ألف ليرة. في محل لبيع منتجات العناية بالبشرة، تؤكد مديرته أن ميل الزبائن اليوم ممن كانوا قبل الأزمة من الطبقة الوسطى، لما هو رخيص الثمن. فلا يسألون عن ماركات محددة، بل عما هو متوفر من كريمات ضمن «بادجيت» يُراوح بين 200 إلى 300 ألف ليرة.وفي إحدى المكتبات، عروضات لهدايا في متناول ذوي الدخل المحدود مثل الفناجين ودفاتر الملاحظات وكتب في التنمية البشرية داعية إلى الإيجابية باللون الزهري «بوكس عيد الأم» هذه الهدية يشتريها غالباً فئة المراهقين هدية لأمهاتهم بحسب بائعة في المكتبة.

لكن ماذا عن الهدايا التقليدية التي اعتاد اللبنانيون على اختيارها لأمهاتهم؟ الزهور، والمجوهرات وقوالب الحلوى؟بقطفلك بس!تراجع مبيع الورد في سنتَي الأزمة السابقتين بحسب غسان عاصي صاحب متجر «وردات» في الحدث. الأزمة الاقتصادية وظروف الإقفال المتعلقة بكورونا هي السبب. يأمل عاصي، الذي يرى أن عيد الأم هو عيد الزهور، أن يتحسّن الحال هذا الموسم رغم أنه مقرّ بأن أحوال الناس «تعبانة». تبدأ الأسعار من 100 ألف ليرة للحجم الصغير لشتول القرطاسي، الأزاليا، الكلانشو، الجيرانيوم، والتوليب ويرتفع الثمن مع ارتفاع الحجم من متوسط إلى كبير، يبدأ سعر الأخير من 200 إلى 250 ألفاً. في أحد محالّ الحمرا الزهور مسعَّرة بالدولار. شتل القرطاسي على سبيل المثال بـ 25 دولاراً أما الأوركيديه فهو بـ30 دولاراً.ماذا عن الذهب؟إذا كانت أسعار الزهور مسعّرة بالدولار، فمن الأفضل استثمارها في الذهب الذي يبقى بالنسبة إلى الكثيرين الهدية الأضمن، إذ يمكن لصاحبة الهدية أن تبيعه لاحقاً في حال احتاجت إلى المال. الإقبال موجود، لكن مع ارتفاع أسعاره يتجه الناس إلى المجوهرات الرفيعة والخفيفة والتي يُراوح سعرها بين 100 و200 دولار «بس اسمها اشترت دهب» تقول إحدى مديرات محل للذهب.يبدأ سعر غرام الذهب من 46 دولاراً ويصل إلى 54 دولاراً، رغم ذلك تحسن حال البيع عن السنتين السابقتين بحسب أبو حسن، مدير أحد محالّ المجوهرات، الذي لاحظ إقبالاً على متجره في «عيد الحب». أما هو عن نفسه فيفضّل أن يعطي والدته 100 دولار بدلاً من قطعة ذهب خفيفة، وخصوصاً أن الذهب المشغول يخسر 10 إلى 15% من ثمنه عند البيع. يتفق حسان مع ما أشار إليه أبو حسن، فمبيعات هذه السنة لم تختلف عن سنة 2019. «تحسّن البيع بنسبة 60% عن سنتي 2020- 2021 »، لافتاً إلى أن «عامل الاغتراب يساهم في 70% من المبيعات وهؤلاء يركزون في مشترياتهم على الذهب المشغول وليس الليرات والقونصات».قالب الحلوىيبقى قالب الحلوى الذي ارتفعت أسعاره بشكل واضح منذ بدء الأزمة، حتى إن أفراد إحدى العائلات، وهم من موظفي الدولة، قرّروا جمع المال كالعادة لشراء قالب الحلوى فقط من دون هدية، «سنعطي ما يتبقى من المبلغ إلى الوالدة»، تقول ندى المسؤولة عن جمع الحصيلة. «كنا في سنوات سابقة (وعددنا 6 أشخاص) نجمع حوالي الألفي دولار ونحتفل بالوالدة والوالد معاً لكننا اليوم نتقاسم سعر قالب الحلوى وما يبقى من مال نعطيها إياه». يكاد سعر قالب الحلوى يصبح «نكبة» بالنسبة إلى البعض، إذ يشكل 20% من قيمة رواتبهم. فعلى سبيل المثال قالب متوسط الحجم (عشرة أشخاص) عند أحد المحالّ الشهيرة يبدأ بـ490 ألف ليرة. أما قالب «التوصية» فيبدأ سعره من 685 ألف ليرة. في محالّ أخرى يبدأ سعر قالب الحلوى المتوسط بـ 300 ألف ليرة وهكذا. تقول مسؤولة قسم المبيع في أحد المحالّ: «إن التوصيات تراجعت لصالح القوالب الصغيرة والمتوسطة الجاهزة كونها أرخص ثمناً».«أريد سلامتكم»في ظلّ هذه الظروف، تنتاب بعض الأمهات عقدة ذنب تجاه أبنائهن. يكرّرن أنهن لا يردن منهم سوى السلامة وأن يكونوا بخير. هذه المرة أمنية الأمهات ليست تمنّعاً ولكن «أرى ابنتي كيف تتعذب من الفجر حتى المساء في معمل لصناعة الأمصال في البقاع بعيدة عني وبالكاد تتقاضى مبلغ 150 دولاراً» تقول أم محمد التي تسكن في بيروت: «تمنيت عليها ألا تشتري شيئاً، فهديتي أن أطمئن إلى مستقبلها». أما جاين فقرّرت أن تدعو ابنتها إلى الغذاء في مطعم: «لا أريد منها إلا النجاح في دروسها وأنا أعفي نفسي من الطبخ والجلي» تقول ضاحكة.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.