في حزيران من العام ٢٠٢٠، ومع ذروة تفشي جائحة كورونا، إنتقلت محكمة الجنايات في جبل لبنان بهيئاتها الثلاث، و”عدّتها وعديدها” الى قاعة المحاكمات المنشأة في سجن رومية المركزي والمجهزة منذ العام ٢٠١١.
الهدف المعلن وقتذاك كان الإسراع في جلسات محاكمة نحو ١٥٠ متّهماً من نزلاء السجن، بحسب بيان صادر عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي- سرية السجون المركزية في وحدة الدرك الإقليمي، التي إتخذت إجراءات الوقاية المشدّدة تفادياً لإنتشار وباء الكورونا خلال إنعقاد الجلسات.
من دون شك أن الإسراع في المحاكمات، وهو هدف قانوني وإنساني نبيل، لكن هذا الهدف قابله مسار وعر يشبه “الجلجلة” للمحامين المتوكّلين من جهتي الإدعاء والدفاع لدى إنتقالهم الى سجن رومية لمتابعة الجلسات.
في حديث لـ” لبنان ٢٤”، يتحدث مصدر حقوقي عن مسيرة إهانة وإذلال وعذاب يسلكها المحامي بدءاً من ركن سيارته في الموقف الخارجي المحاذي لسجن رومية، ثم السير على الأقدام تحت شمس الصيف ومطر الشتاء لا فرق، وصولاً الى أول نقطة تفتيش حيث يمتدّ طابور طويل من المحامين والزوار لتسجيل الأسماء والمعلومات.
يتابع المصدر: في النقطة الأمنية الثانية يبدأ ما يُعرف ” بالتفتيش الحسي الدقيق للمحامي (ة) الذي يُسمح له بحمل بطاقة تعريف واحدة دون سواها هي بطاقة المحاماة، في الوقت الذي تُنزع منه ساعته، وهاتفه، ويُجرد من كل ما زاد عن روب المحاماة وملف القضية وقلم واحد.
“حتى ملف القضية يتم تفتيشه ورقة ورقة حيث تؤخذ منه أي ورقة لا علاقة لها بالملف” على ما يقول المصدر الحقوقي الذي يشير الى أن المحامي مجبر على سلوك زواريب السجن وساحته الداخلية على مسافة كيلومترٍ تقريباً سيراً على الأقدام، قبل الوصول الى قاعة المحكمة حيث يُعزل عن العالم الخارجي، من دون ساعة أو هاتف أو حتى قلمٍ ثانٍ اذا فرغ القلم الأول من الحبر، وهذا طبعاً من سوء حظ المحامي.
مناسبة الحديث عن ما ورد أعلاه هو خبر سار لمحامي رحلة الجلجلة الى سجن رومية، إذ تقرّر، بعد بحث ومناقشات بين وزير العدل القاضي هنري الخوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ونقيب محامي بيروت ناضر كسبار، العودة الى أقواس محكمة الجنايات في بعبدا نهاية شهر آذار الجاري، مع إنتهاء إجراءات التعبئة العامة المتصلة بتفشي جائحة كورونا.
مبارك رفع المظلومية عن المحامين زوار سجن رومية…مبارك تخلية سبيلهم.