كتبت لينا فخر الدين في” الاخبار”: مع غياب الرئيس سعد الحريري عن المشهد وتلهّي جمهوره بفتح النار على «قدامى المستقبل»، فيكاد معارضو «التيار الأزرق» أن يرددوا: «الحمدلله اللي تحررنا». يدركون جيداً أن حملات التخوين والتصنيفات الجامدة، كتسميتهم بـ«سنة 8 آذار» أو «سنة النظام السوري» أو «السنة التابعين لحزب الله»، ستبقى موجودة، لكنهم باتوا يملكون هامشاً أكبر للتحرّك، ويؤكدون أنّهم لا يجدون صعوبة في استقطاب الشارع. شاكر برجاوي، مثلاً، الذي أقفل مكاتبه في طريق الجديدة عاد اليوم إليها، لافتاً إلى أنّه لا يجد صعوبة في عودة التواصل مع الناخبين ومن بينهم من كان يخالفه الرأي في السنوات السابقة، مشيراً إلى أنّ «بيروت تحتاج إلى استرجاع عصبها ومتابعة قضاياها».
النائب فيصل كرامي هو الآخر يعتقد أن الأبواب مفتوحة أمامه في استقطاب ناخبين جدد. هذه الإيجابية مردّها إلى «إقصائنا عن السلطة وعدم مشاركتنا في عمليات الفساد التي أوصلت لبنان إلى هذه الأزمة الاقتصادية»، ويضيف كرامي: «الشارع غاضب على المنظومة ولكن يُمكن أن يصوّت لنا على اعتبار أننا لسنا جزءاً منها». وهذا أيضاً ما تقوله جمعية المشاريع الخيريّة على لسان مرشحها في بيروت أحمد صباغ، مشدّداً على أنّه «بيننا وبين ناخبينا مشوار طويل من الثقة والشفافية في عمل مؤسساتنا»، شارحاً أنّ قوتهم التجييرية في بيروت ستتنامى في المرحلة المقبلة خصوصاً أنه «صارت لنا حرية أكبر في المونة على بعض أقرباء أنصارنا وأصدقائهم الذين كانوا ملتزمين بقرار المستقبل».وإذا كان البعض يرى أن انكفاء الحريري عن الحياة السياسية له انعكاسات سلبية، كما يقول النائب قاسم هاشم الذي يلفت إلى أن هذا الأمر سبّب خللاً في الطائفة السنية وعلى صعيد لبنان. وهذا أيضاً ما يشدد عليه الوزير السابق حسن مراد، لافتاً إلى أنّ الطائفة تعيش إحباطاً بعد قرار الحريري، إلا أنه يرفض اختزال الطائفة بشخص واحد. في المقابل، هناك من يرى أن انسحاب رئيس المستقبل أعاد الطائفة إلى ما قبل اتفاق الطائف مع التنوّع الذي كان موجوداً فيها، وهذا يعني إعادة العمل على تشكيل خطابٍ جديد يعيد السنّة إلى مكانهم العروبي الطبيعي. ولذلك، يقول كرامي إنّ «ما تمر به الطائفة اليوم ليس إلا مخاضاً إجبارياً لتجديد الخطاب والعقليّة بعد مسارٍ من مصادرة القرار السني». تلتقي رؤية كرامي مع ما يؤكده نائب عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد هشام طبارة من أن نتائج الانتخابات المقبلة ستشكّل «موزاييك» للقوى الموجودة في بيروت و«ستعيد الطائفة كما كانت سابقاً حينما كانت مرجعيتها غير محصورة بشخصية واحدة».
وعليه، فإنّ هذه الشخصيات تمنّي نفسها بأن يتضاعف عددها ليصل إلى ثلثي نسبة السنّة الموجودين في مجلس النواب، ما يسمح لهم بإحياء اللقاء التشاوري بشكلٍ أنجح عمّا كان عليه بسبب عدم إمكانية استيعاب التناقضات بينهم، إضافة إلى المطالبة بحصة السنة في الحكومة كاملةً.
في المحصّلة، يراهن هؤلاء على سد الفراغ الذي سيحدثه الحريري، خصوصاً أن ماكيناتهم الانتخابية على الأرض تطمئنهم إلى أن العازمين على الالتزام بقرار الحريري بعدم التصويت ليسوا إلا نسبة قليلة سيضيفها الحريري على نسبة غير المشاركين في الانتخابات عادةً ليزعم أنه انتصر. في حين أن مناصري الحريري الذين يبحثون عن السلطة والقوة والمال سيجدونها في مكانٍ آخر.