عتمة وغياب للدوريات.. السرقات ترتفع والوجهة تتغير

23 مارس 2022
عتمة وغياب للدوريات.. السرقات ترتفع والوجهة تتغير


كتبت زيزي اسطفان في “نداء الوطن”: سرقات عجيبة غريبة تحصل في الأحياء السكنية وكأن كل شيء بات محللاً للسرقة والأحياء مستباحة للسارقين والمتربصين والمتلصصين يدخلونها تحت جنح الظلام حيناً وفي عز النهار أحياناً ويراقبون أهلها ويحملون ما «يستحلون» منها ويرحلون من دون رقيب. في كل حي قصص وصرخات تعجز عن الوصول إلى آذان القوى الأمنية وخروقات أمنية تهدد بالأسوأ.

بعد السرقات الموصوفة التي طاولت أغطية الصرف الصحي والـ»مسبعات» على الطرقات والأسلاك الكهربائية وبطاريات السيارات والكاتاليزور فيها، ها هي السرقات تتمدّد لتشمل كلّ ما تطاله اليد خارج المباني أو داخلها. سرقات صغيرة لا تتمّ بالكسر والخلع والاعتداء المباشر بل «من برّا لبرّا». كل شيء اليوم بات يحرز للسرقة من قوارير الغاز الفارغة أو الملأى إلى قساطل البلاستيك وحتى «دفاشات» البوابات في مداخل البنايات وغيرها وغيرها. أشياء بسيطة لا تستدعي التقدم بشكوى إلى المخفر ولا تدخل ضمن إحصاءات السرقات لكنّها تسبب للناس حالة من الخوف والقلق والتوجس من سرقات أكبر.

من هم هؤلاء الأشخاص الذين يدخلون الأحياء خلسة ويراقبون، من دون أن يلفتوا الانتباه، ما يمكن سرقته منها؟ هل هم عمال الدليفري كما يقول الكثيرون ومعظمهم من جنسيات غير لبنانية؟ أم هم جامعو الخردة الذين يجولون بـ»البيك أب» داخل الأحياء وهم في غالبيتهم من مناطق معروفة؟ أم مدمنو مخدرات يقومون بالمستحيل لتأمين المال لتلبية إدمانهم؟ أم لكن الجديد هو انتقال السارقين إلى نوع آخر من السرقات بعد أن سلبت البلاد ولم يعد ما يستأهل السرقة فيها، ولا تكاد تروي أمام أحدهم عن سرقة حصلت في مكان ما حتى ينهال عليك بأخبار سرقات غريبة ما كانت لتخطر ببال السارقين قبل وصول الحال في لبنان إلى ما وصلت إليه. فالحقائب لم تعد تغوي بالنشل ولا اقتحام البيوت وسرقتها بل صار السارقون يبحثون عن البضاعة السهلة التي يمكن بيعها بسهولة ولا يبلغ عنها أحد.مولّدات كهربائية على الشرفات أو كومبريسورات المكيفات، مضخّات المياه الموصولة إلى الخزانات، بوابات الحدائق الحديدية الصغيرة، إمدادات الدش والإنترت والمولدات (الكابلات، السبليتر، الديجونكترات وحتى الصحون اللاقطة) قوارير الغاز، أغطية الخزانات البلاستيكية، البراميل المعدنية التي تستعمل لجمع النفايات أو تخزين الكاز والمازوت، العدة في الحدائق، المصابيح الكهربائية أمام البنايات أو في الشوارع وغيرها من الأشياء الموضوعة في الخارج أو على السطوح صارت كلّها بضائع مطلوبة.وما يزيد الطين بلة ويفاقم من وضع السرقات هو ذاك الظلام الدامس الذي يشهده معظم الأحياء السكنية بعد منتصف الليل. حينها تطفأ المولّدات وتغيب كهرباء الدولة الغائبة أصلاً فتغرق الشوارع بعتمة داكنة لا يكاد المار فيها يلمح إصبعه أمامه وتصبح الأحياء مرتعاً مفتوحاً للسارقين يتنقلون فيها بحرية خاصة مع الأجواء الباردة التي تمنع الناس من الخروج وتفقّد ممتلكاتهم ليلاً.

وإلى هذا يضاف غياب شبه كلي لدوريات البلديات بسبب غلاء المحروقات ونقص الأموال الفاضح في صناديق البلديات ما يترك الأحياء عرضة لتعدّيات مختلفة تعيد إلى البال قصة الأمن الذاتي. بعض البلديات استسلم كلياً وامتنع عن تسيير الدوريات وتأمين الحراسة الليلية فيما بلديات أخرى لا تزال تقوم بالجهود وبمبادرات فاعلة للحفاظ على الأمن في نطاقها. بلدية الحدث في ساحل المتن الجنوبي منعت منعاً باتاً دخول جامعي الخردة إلى شوارعها وتجوالهم فيها وعمدت إلى مصادرة أكثر من حمولة كما منعت أي سيارة عادية من تحميل الحديد دون الحصول على إذن من البلدية وفي حال رؤية أي شخص، بالغاً كان أو طفلاً، يحمل كيساً أو يحاول جمع مواد من النفايات أو الطرقات تتم مراقبته ومنعه من ذلك. تسيير الدوريات نهاراً وليلاً وتأمين الحراسة على مدى 24 ساعة من قبل دوريات الشرطة البلدية خفف من منسوب السرقات في مدينة الحدث بشكل كبير وإن كان الأمر مرهقاً مادياً للبلدية بسبب ارتفاع سعر المحروقات. وحين نسأل مسؤول الشرطة فيها عن العتمة في الليل وتداعياتها على الوضع الأمني يقول «هذا الأمر خارج عن قدرتنا ولا نستطيع علاجه لقد أجبرنا المولدات على التقيّد بالتسعيرة وصادرنا مولداً لم يلتزم لكننا لا نستطيع إجبار أصحاب المولدات على تأمين الكهرباء ليلاً لكن تسيير الدوريات وتشديد الحراسة يعوّضان بعض الشيء عن غياب الإضاءة ويردعان المعتدين».