هل تتأجل الانتخابات النيابية؟

26 مارس 2022
هل تتأجل الانتخابات النيابية؟


كل المؤشرات العملية توحي بأن الانتخابات النيابية سوف تجري في موعدها وذلك ربطاً بالتصريحات العلنية للقوى السياسية وتحضيراتها والاستعدادات الرسمية التي اتخذت منحى جدياً لا يمكن من بعده الذهاب الى عملية تأجيل، أضف الى كل ذلك المناخ الدولي الذي يشدّد على ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها المقرر.

 
لكن، كل هذه الاجواء الايجابية التي تضفي على الجو العام جدية مطلقة، لا تزال غير كافية لتهيئة الرأي العام بشكل حاسم لحصول الانتخابات البرلمانية، إذ إن الشّك لا يزال مسيطراً على اعتبار أن حدثاً ما قد يطرأ في اللحظات الاخيرة ويؤدي الى تطييرها. فما هو اصل هذه الهواجس؟

 
يعتبر البعض انه من غير الممكن حصول انتخابات نيابية في لبنان من دون غطاء مذهبي كامل، أي ان تكون جميع الطوائف والمذاهب مُجمعة على حصول هذا الاستحقاق ومشاركة فيه، وأن تجربة غياب المسيحيين لا يجب أن تتكرر لأسباب عديدة، اولها أن إنهاء الحرب الاهلية والذهاب بالمسار الديمقراطي كان يستحق تجاوز بعض الاعتبارات، لكن الواقع اليوم مختلف وثمة صعوبات جمّة في تجاوز غياب جزء أساسي من الطائفة السنية وعدم مشاركته في هذا الاستحقاق رغم أهميته. ومن هنا ينطلق البعض للقول ان لا انتخابات نيابية في موعدها.
 
من جهة اخرى، يتحدث اخرون عن سبب مغاير للتأجيل، ووفق هؤلاء فهو التقديرات الانتخابية التي تعطي اكثرية مريحة لـ “حزب الله” وحلفائه، حيث رجحت بعض الدراسات فوز الحزب بأكثرية أكبر من تلك التي حصل عليها عام 2018 وأدت الى أزمة سياسية كُبرى. وبالتالي يصبح السؤال المطروح هنا، هل تقبل الولايات المتحدة الاميركية اولا، وخصوم “الحزب” الدوليين ثانياً بأن يكرّس انتصاره النيابي؟

 
يرى اصحاب هذه النظرية أن فوز “حزب الله” بالاكثرية يعني تكريس واقعه داخل المؤسسات الدستورية، سواء في مجلس النواب او مجلس الوزراء وحتى في رئاسة الجمهورية، إذ سيصبح قادراً على الاستمرار باللعب في هامش كبير داخل الدولة بعد سنوات من مواجهته مع حلفائه للضغوط الاقتصادية والسياسية والاعلامية، ما سيحقق له انتصاراً ساحقاً قد لا تقبل به واشنطن ولن يكون خصوم “الحزب” المحليين متحمسين له بأي شكل من الاشكال.
 
هذه الاجواء التي تفرض مخاوف منطقية تجاه الاستحقاق النيابي قد لا تكون صحيحة بنسبة كبيرة، إذ إن التسويات في المنطقة بدأت تسير بسرعة في اتجاهات متعددة ما يوحي بأن الرغبة بالوصول الى تسوية بغض النظر عن الاكثرية ومن تمثّل في الداخل اللبناني ستكون الغالبة في المرحلة المُقبلة.