الهجمات على السعودية… هل من رسائل إيرانية لأميركا؟

27 مارس 2022
الهجمات على السعودية… هل من رسائل إيرانية لأميركا؟


في الوقت الذي تبدو فيه المحادثات في فيينا متجّهة إلى ما يمكن إدراجه في خانة الإيجابيات، شنّ الحوثيون هجمات على محطة لشركة “أرامكو “النفطية في جده، وخزانات الشركة الوطنية للمياه في ظهران جنوب المملكة العربية السعودية، ومحطة للكهرباء في صامطة، الأمر الذي أثار موجة ردود فعل دولية وعربية مستنكرة ومستهجنة ومستغربة. وهذا ما يقود المحللين إلى رسم اكثر من علامة إستفهام حول المغزى من هذه الهجمات على مصادر الطاقة في المملكة، وما هي الرسائل التي تريد أن توصلها إيران إلى الولايات المتحدة العربية وإلى المجتمع الدولي.  

فإيران، على ما يبدو، تفاوض السعودية من دون أن تتخلى عن سياسة دعم الاعتداءات الحوثية، وهي تريد ايضًا إبرام تسوية مع الرياض، ولكن من دون وضع حد لأنشطتها العدائية، مع العلم أن طهران سبق لها، وفي خطوة إستباقية لما يمكن وصفه بتوقع فشل محتمل لتلك المحادثات التي رعتها بغداد قبل أشهر قليلة واستمرت بين وفدين من السعودية وإيران، فقالت إن إجراء المزيد من المحادثات الثنائية يتوقف على جدّية المملكة، وهو أمر يشير في توقيته إلى محاولة للتنصل من المسؤولية إزاء ممارسات إيرانية من شأنها أن تبقي الوضع على ما هو عليه تمامًا كما يحدث مع المفاوضات النووية غير المباشرة بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة.  
وبالتوازي مع محادثات فيينا كانت كل من السعودية وإيران قد بدأتا محادثات مباشرة في وقت تقود فيه الأمم المتحدة جهودًا لإنهاء الحرب الدائرة في اليمن.  
وكان المتحدث بإسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده قد طالب الرياض بـ”تبني حلول سياسية ودبلوماسية وتجنب التدخل في شؤون الدول الأخرى، لأننا نؤمن بأن التوصل إلى ترتيبات إقليمية شاملة سيتم من خلال الاحترام المتبادل وتفهم دول المنطقة لحقائق الأمور”. ودعاها أيضًا إلى “إتباع نهج دبلوماسي وسياسي واحترام مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وهذا هو السبيل الوحيد للمضي قدما في المنطقة”.  
في ظل هذه الأجواء تبدو مشروعة المطالب الخليجية التي لها علاقة بوقف طهران لأنشطتها التي تعتبرها مزعزعة للاستقرار في المنطقة، من بينها التوقف عن تسليح الحوثيين في اليمن و”حزب الله” في لبنان والميليشيات الشيعية في العراق إلى جانب ضمانات تتعلق ببرنامجيها النووي والصاروخي.  
لكن إيران، وفق ما يُقال في دول الخليج العربي، لم تقدم حتى الآن أي بادرة تثبت حسن نواياها.  
وتتهم الأوساط الخليجية إيران بأنها، وفي الوقت الذي تجري فيه محادثات نووية غير مباشرة مع أميركا في فيينا، تستمر في انتهاك بنود الاتفاق النووي المراد إحياؤه بعدما إنسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بشكل أحادي، مع إستمرار الحوثيين في شن هجمات ارهابية على أهداف مدنية واقتصادية في السعودية بمسيرات وصواريخ يُعتقد أنها إيرانية.  
أمّا لبنانيًا فإن هذه الهجمات لاقت ردود فعل شاجبة مترافقة مع بعض الهواجس عمّا يمكن أن تكون عليه إنعكاساتها على الأجواء الإيجابية في مسار عودة علاقات لبنان مع دول الخليج العربي، وبالأخصّ مع السعودية، إلى سابق عهدها الطبيعي.  
أوساط سياسية على إطلاع وافٍ بما يجري في كواليس القرار السعودي بالنسبة إلى لبنان إعتبرت أن بيان وزارة الخارجية السعودية وكذلك البيان الكويتي جاءا نتيجة قناعة تكّونت لدى دول الخليج العربي بأن معاناة اللبنانيين يجب أن تتوقف، وأنه من الضروري فصل المسار اللبناني عن أي مسار آخر، من دون أن يعني ذلك بالطبع عدم القيام بالخطوات المطلوبة من قِبل لبنان لملاقاة الإيجابية السعودية في منتصف الطريق من خلال خطوات عملية، مع الإشارة إلى أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يشارك في منتدى الدوحة عقد أكثر من لقاء مع عدد من القادة العرب لهذه الغاية، وأكدّ أن علاقات لبنان بأشقائه العرب ستعود إلى طبيعتها، وقال “نحن بحاجة الى هذا الاحتضان العربي لوطننا”.