“عم نِجْرب وصحتنا على الأرض”

27 مارس 2022
“عم نِجْرب وصحتنا على الأرض”


وكأن سخرية القدر شاءت أن تلعب دورها وتخفف من اكتظاظ السجون في ظل عدم تمكن السلطات المعنية من وضع حد له، فجاءت الأزمة الاستشفائية والدوائية التي ألقت بثقلها على السجون لتبدأ بتغيير هذا الواقع. 

خلال شهرين فقط توفي 8 سجناء في لبنان نتيجة تدهور وضعهم الصحي تزامناً مع فقدان الأدوية والعلاج اللازم لهم، في حين بات السجناء يعانون من نقص في نوعية وكمية التغذية نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار إضافة إلى أنهم يعيشون في بيئة غير صحية لا توفر لهم أبسط الحقوق الإنسانية.
لا دواء ولا عمليات طارئة
رئيسة جمعية “نضال لأجل الإنسان” ريما صليبا تؤكد أن هناك “نحو 9000 سجين بين موقوفين ومحكومين في كافة السجون والنظارات، وفي سجن رومية هناك أكثر من 4000 سجين”، لافتة إلى أن في سجن رومية فقط هناك 700 مريض يحتاج لأدوية مزمنة وللأسف فهي مفقودة في السجون”.
 وتتحدث صليبا عن مستجدات الوضع الصحي في السجون قائلة لـ”لبنان 24″: “إن المساجين يتأزم وضعهم الصحي ومؤخرًّا كان هناك 3 حالات تحتاج لعملية قلب مفتوح إلا أن المستشفيات تضع شرط دفع التكاليف بالدولار قبل إجراء العمليات أو تقديم المعدات اللازمة لها لإجرائها”، مشيرةً إلى أن “هناك حالة من بين الحالات كانت تحتاج لعملية قلب مفتوح مستعجلة تبلغ كلفتها أكثر من 7 آلاف دولار إلا أن هذا المبلغ لم يتم تأمينه بشكل كامل إذ كان ينقص 800 دولار مما أدى إلى وفاة السجين”.
وتستطرد صليبا: “إضافة إلى ذلك فإن كل سجين مريض ولا يتم تزويده بالدواء نتيجة عدم توفره وإجراء فحوصات دورية له سيكون وضعه خطيرًا مستقبلًا”، مشيرة إلى أنهم كجمعية ناشدوا وزارة الصحة “إلا أنها تقول إن لا إمكانيات لديها للدعم”.
سوء في التغذية
وتوازيًا مع نقص الأدوية وشح العمليات الطارئة، يعاني المساجين من سوء في التغذية، وتقول صليبا في هذا الإطار إن “المساجين لم يعودوا يحصلون على كمية الغذاء التي كانوا يحصلون عليها سابقًا كما أن الغذاء ليس بالجودة العالية وكل ذلك يعود سببه إلى انخفاض ميزانية السجون وارتفاع أسعار المواد الغذائية”.
وتضيف: “في حين كان الأهالي سابقًا يزودون السجناء من عائلاتهم بالطعام، فذلك بات شبه متعذر الان بسبب الضائقة المعيشية”.
صحة نفسية متدهورة
ليس تدهور الصحة الجسدية هو فقط ما يعاني منه السجناء، لكنهم أيضًا يعانون من تدهور في صحتهم النفسية ويعود ذلك إلى أمرين أساسيين، وفق صليبا، “فالسجناء أولاً حين يرون المرضى لا يعالجون يصبح لديهم خوف أن يحصل بهم الأمر نفسه مستقبلًا، فهذا القلق يخفض مناعة المساجين”، مضيفة: “كما أن عدم قدرة أهالي السجناء على إمداد ذويهم بالأغذية الكافية نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار يؤدي إلى زيادة القلق عند المساجين وبالتالي تدهور صحتهم النفسية التي تؤثر على الجسدية”.
شهادات مؤلمة
وفي ظل هذا الواقع، يطلق أحد السجناء في رومية صرخة عبر “لبنان 24” قائلًا: “لا يوجد دواء في السجن وأكثر ما يمكن تقديمه للسجناء هو البانادول كما أن هناك نوعًا من الجرب لدى المساجين من دون أي معالجة، إذ إن الأطباء باتوا يرفضون علاج السجناء نظرًا إلى عدم تقاضي رواتبهم. فإلى مَن نشكي همنا!”.
سجين آخر يشير إلى أن “هناك بعض السجناء أحدهم توفي بقلب السجن نظرًا لعدم توفر الدواء وآخر مصاب بالسرطان توفي لأنه لم يعالج، قائلًا بحرقة: “نحن مَن المسؤول عنا… أين أصبحت حقوق السجناء”؟
على خط موازٍ، تلفت والدة أحد السجناء إلى أن ابنها “لم يتمكن من تلقي حبة دواء وهو مريض كما أنه تسمم من جراء الطعام إضافة إلى أن مياه الخدمة ليست نظيفة”، قائلة: “الله يفرجها عالجميع”، في حين تشير والدة سجين آخر إلى أنها لم تتمكن من زيارة ابنها منذ رمضان الماضي نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة.لا شك إذًا أن السجناء لا يحسدون على وضعهم، بالأخص أن الثلثين منهم غير محكوم عليهم حتى الآن، فهل تفتح هذه الحال الباب لتسريع المحاكمات؟