يعيش القطاع الصحي اليوم اسوأ ازماته، بحيث يصفه البعض بأنه بات في حالة موت سريري، وذلك بسبب الانهيار الشامل التي يشهده لبنان حالياً. ونتيجة لهذا المشهد اصبح الدخول إلى المستشفيات الخاصة حكراً على الاغنياء فقط.اما اصحاب الدخل المحدود فمتروكون لرحمة الله بعدما اصبحت فروقات الفاتورة الاستشفائية اكبر بكثير من قدرتهم على التحمل.
شروط متعبة للمستشفيات
هذا التغيير اشار اليه رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان ايلي نسناس، والذي قال في حديثه لـ” لبنان 24″: مع قيام معظم المستشفيات ، ومنذ شهر تشرين الاول الماضي بتسعير خدماتها الاستشفائية بالدولار الاميركي، وذلك حسب سعر السوق، وجدت شركات التأمين نفسها مضطرة لتعديل اقساطها لتصبح ايضاً بالدولار الاميركي ، وذلك بحسب سعر الصرف”.
نسناس أشار في حديثه إلى التغييرات التي حدثت في اسعار عقود التأمين ، واوضح قائلاً:” نتيجة الوضع المالي والاقتصادي الذي فرض نفسه مؤخراً في لبنان فأن اسعار بوالص التأمين الصحي لدى شركات التأمين شهدت هي بدورها تقلبات ايضاً، فسعر بوليصة التأمين هذه السنة هو اقل مما كان عليه في السنة الماضية بنسبة 25% تقريباً، اي بمعنى انه من كان قسطه في السنة الماضية بحدود الف دولار اميركي، اصبح هذه السنة حوالي سبعمئة دولار اميركي ، ولكن على اساس سعر صرف السوق.
تغيير في الخدمات
لا ينكر نسناس تأثير الوضع الاقتصادي على عقود التأمين الصحي، ويقول: “هناك الكثير من الذين كانوا يدفعون اقساطاً عالية ثمنا ً لخدمات صحية في المستشفيات من الدرجة الاولى، وجدوا نفسهم اليوم مضطرين للمحافظة على عقود تأمينهم، ولكن مع تعديل في مستوى الخدمة لتصبح من الدرجة الثانية او الثالثة”. نسناس رفض في حديثه قيام بعض المستشفيات بتقاضي فروقات في السعر من المؤمنين الذين عقودهم هي “بالفريش الدولار” وقال: “لقد قمنا بأصدار تعميم إلى جميع المؤمنين الذين اجروا عقوداً معنا بالفريش دولار طلبنا فيه منهم الاتصال بالشركة المؤمنين لديها او بالوسيط المعتمد من قبلهم، في حال قيام اي مستشفى بمطالبتهم بأية فروقات.”
ليس فقط تامين الاستشفاء هو من يواجه صعوبات بسبب الظروف الحالية، فالمعاناة ايضاً انسحبت ايضاً على التأمينات الاخرى، وذلك بحسب رئيس جمعية شركة الضمان ، والذي اوضح قائلاً:” لقد كان من نتائج تراجع حركة الاستيراد من الخارج بسبب الظروف الحالية، انخفاض كبير في نسبة التأمين على الشحن بمختلف انواعه. كما انخفضت ايضا نسبة التأمين على السيارات ضد جميع الاخطار. واصبح تأمين السيارات في معظمه يقتصر على التأمين ضد الغير”.
التأمين للميسورين اما رئيس نقابة اصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، فقد اوضح في حديثه لـ” لبنان 24″ إلى ان الآلية المتبعة اليوم من قبل المستشفيات الخاصة في التعامل مع المضمونين على حساب شركات التأمين تقوم على ان يدفع المريض الذي لديه عقد قديم ما نسبته 15% من قيمة الفاتورة.اما اصحاب العقود الجديدة ، والتي هي بالفريش دولار، فإن المستشفى لا تتقاضى منهم اي بدل، بإستثناء العلاجات الغير مغطاة من قبل الشركة الضامنة ، والمنصوص عنها في عقد التأمين.
هارون اعترف في حديثه بأن الدخول إلى المستشفيات الخاصة، بات اليوم في معظمه مقتصراً على الميسورين مادياً، وذلك نتيجة عدم قدرة الجهات الضامنة الاخرى مثل تعاونية موظفي الدولة والضمان الاجتماعي على دفع الفروقات الضخمة التي تتوجب عليها للمستشفيات الخاصة، بإستثناء وزارة الصحة التي هي في وضع افضل ، وذلك نتيجة الدعم الذي تتلقاه من البنك الدولي.
هارون اعرب ايضاً عن شكه في امكانية التوصل إلى تسعيرة عادلة تراعي امكانيات ذووي الدخل المحدود، اقله في المدى المنظور، عازياً السبب إلى عدم قدرة الجهات الضامنة الرسمية على تغطية الكلفة الحقيقية لفاتورة الاستشفاء اليوم، وذلك نتيجة الأوضاع الضعبة التي تعاني منها خزينة الدولة . تقلبات السوق فرضت نفسها خبير في شؤون التأمين قال في اتصال مع لبنان 24:” ان قرار استيفاء الاقساط بالفريش دولار من قبل شركات التأمين، كان قراراً لابد منه، وذلك نتيجة التحديات الكبيرة والاستثنائية ، التي فرضت نفسها على الجميع في السنوات الاخيرة،اذ وجدت شركات التأمين نفسها في نهاية المطاف، انها لا يمكن لها الاستمرار من دون اتخاذ تدابير تواكب تقلبات السوق”.
المصدر:
لبنان 24