رغم الخلافات.. هل يسعى “المستقبل” لفتح صفحة جديدة مع “القوات”؟!

28 مارس 2022آخر تحديث :
رغم الخلافات.. هل يسعى “المستقبل” لفتح صفحة جديدة مع “القوات”؟!


ليس خافيًا على أحد أنّ العلاقة بين تيار “المستقبل” وحزب “القوات اللبنانية” في أسوأ حالاتها منذ فترة، تعود ربما إلى الاستقالة “الشهيرة” التي قدّمها رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري من الرياض، وما أعقبها من تغييرات على المستوى الداخلي، وما نتج عنها من “نفور” لم تنجح كل الاستحقاقات التي تلتها، على أهميتها، في جمع “الحليفين السابقين”، أو بالحدّ الأدنى، في “ترطيب” الأجواء بينهما.

 
أكثر من ذلك، ثمّة من يعتبر أنّ هذه العلاقة هي أحد الأسباب “الجوهرية” التي دفعت الحريري إلى “تعليق” مشاركته في العمل السياسي على أبواب الانتخابات، بعدما وجد نفسه أمام خيارين اعتبر بعض المحيط به أنّ “أحلاهما مُرّ”، أولهما تجاوز كلّ الخلافات مع “القوات” ووضع يده بيدها، لخوض الانتخابات في مواجهة معسكر “حزب الله”، وثانيهما الخوض في مواجهة انتخابية معها، ولو أدّى ذلك إلى تقديم “هدايا” لخصومه الفعليّين.إلا أنّ البيان الذي أصدره تيار “المستقبل” نهاية الأسبوع الماضي، وأبدى من خلاله “تضامنه” مع رئيس حزب “القوات” سمير جعجع، “رغم الخلافات المُعلَنة والمعروفة”، بدا لافتًا في الشكل والمضمون، فهو جاء ليقفز فوق “الاعتكاف المُعلَن” للتيار “الأزرق”، وليقدّم ما لم يكن التيّار ليقدّمه قبل أشهر حين كان “فاعلاً” على المستوى السياسي، فأيّ “رسائل” أراد إيصالها؟ وهل يسعى فعلاً لفتح صفحة جديدة مع “القوات”؟!”انسجام مع الذات”صحيح أنّ المحسوبين على تيار “المستقبل” والمقرّبين منه يرفضون التعليق، معتبرين أنّ البيان الذي صدر عن هيئة الرئاسة “كافٍ ووافٍ”، وهو لا يحتاج إلى المزيد من الإيضاحات، إلا أنّهم يرفضون في الوقت نفسه “تضخيمه وتحميله أكثر ممّا يحتمل”، أو حتى اعتباره “تجاوزًا” لتعليق العمل السياسي، كما فُسّر الأمر من قبل البعض، لأنّ “التيار” لم يعلن يومًا أنّه “سيعزل” نفسه، بل أكد استمراره في خوض الشأن العام بكلّ أشكاله.

ويقول العارفون بموقف “المستقبل” إنّ ما قاله في بيانه الأخير لا يعبّر سوى عن “انسجام مع الذات”، ولا سيّما أنّ البيان لم ينكر وجود “خلافات معروفة ومُعلَنة” مع “التيار”، منعًا لأيّ تأويلات وتفسيرات قد لا تكون في مكانه، لكنّه في الوقت نفسه، يجد أنّ “مبدئيته” تفرض عليه الوقوف معها في وجه قرارات قضائية يغلب عليها الطابع “الاستنسابي”، في ظلّ “عدالة انتقائية تجرم من تشاء وتغفر لمن تشاء”، كما جاء أساسًا في البيان.وإذا كان مثل هذا البيان لم يصدر عند استدعاء جعجع للمثول، وقد تأخّر الحريري يومها لإبداء أيّ موقف، فإنّ ذلك يعزوه العارفون لـ”الظروف السياسية”، ولا سيما أنّ رئيس تيار “المستقبل” عندما أعلن انسحابه من المشهد السياسي، حرص على تصوير هذه الخطوة في سياق “مواجهة” مع فريق “حزب الله”، ما يعني أنّ “المهادنة” التي كان يعتمدها في بعض الأحيان، من باب “الواقعية أو البراغماتية”، لم يعد لها مبرّر في الوقت الحاليّ. اعتبارات أخرى؟!لكن، بعيدًا عن الرواية التي يحرص “المستقبل” على الترويج لها، والتي قد تكون “واقعية” إلى حدّ بعيد، ثمّة من يتحدّث عن “اعتبارات أخرى” خلف تضامن التيّار مع جعجع، قد لا تكون مرتبطة حصرًا بالأخير، بقدر ما هي مرتبطة بالسياق العام للأحداث، وبرغبة “المستقبل” بالمضيّ في “المواجهة” مع مشروع “حزب الله”، ولو من خارج المؤسسات السياسية، بعدما اختار بملء إرادته الانسحاب من أروقتها. وفي هذا السياق، هناك من يربط التغيّر في لهجة “القوات” إزاء “المستقبل” بتغيّر اللهجة السعودية إزاء لبنان في الأيام الأخيرة، بعد نجاح مساعي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وغيره في “تلطيف” الأجواء مع الرياض تمهيدًا لطيّ الخلاف الدبلوماسي غير المسبوق بين الجانبين، علمًا أنّ أحد الأسباب التي دفعت الحريري إلى “العزوف” وفق ما يعتقد كثيرون، يتمثّل في العلاقة التي “تزعزعت” مع الرياض في الآونة الأخيرة.بهذا المعنى، قد لا يكون بيان الحريري الأخير رسالة إلى “القوات” نفسها، بقدر ما هو رسالة إلى القوى الإقليمية التي لطالما كانت داعمة لـ”المستقبل”، وفق ما يقول بعض المراقبين، ممّن يشيرون إلى تغيّر الظروف الذي قد يغلّب أيضًا هذه الفرضية، ولا سيما بعدما نجح “رهان” الحريري على سقوط بعض “المشاريع البديلة”، التي كانت تقدّم نفسها لـ”وراثة” الرجل، فإذا بها “تسقط” قبل أن يحين موعد الانتخابات، بانسحاب “ذاتي” من المشهد.يرى البعض أنّه لا يجب تحميل بيان “المستقبل” أكثر ممّا يحتمل، إذ إنّ القاصي والداني يدرك أنه ينطلق من “مبدئية” تجعله يقف إلى جانب من يعتبره “مظلومًا” في وجه قضاء “استنسابي ظالم”، بمُعزَل عن الموقف منه. لكنّ البعض الآخر يصرّ على أنّ الاكتفاء بمثل هذا التفسير هو “تبسيط وتسطيح” للأمور، وأنّ المطلوب الغوص أكثر في “العمق” لفهم بعض “الأبعاد” التي تبقى واضحة، وإن لم تُعلَن بشكل رسميّ… 

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.