أعلنت «وحدة التعاون القضائي الأوروبية” (يوروجاست)، في بيان أمس، أن كلاً من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ أصدرت في 25 آذار الجاري قرارات بتجميد أصول مرتبطة بالتّحقيق الجاري في حقّ “خمسة مشتبه فيهم (لم تذكر أسماءهم) في تبييض أموال”، مبيّنةً أن تهمة هؤلاء هي “اختلاس أموال للدولة اللبنانية تزيد قيمتها على 330 مليون دولار و5 ملايين يورو، بين عامي 2002 و2021”.
وفي التفاصيل، حجزت السلطات القضائية الألمانية على ثلاثة عقارات (أحدها في هامبورغ واثنان في ميونيخ)، وعلى أسهمٍ في شركة عقارات مقرّها دوسلدورف، تُقدّر قيمتها بحوالى 28 مليون يورو. كما حجزت على أصول أخرى بقيمة تصل إلى 7 ملايين يورو. وأكّدت متحدثة باسم الادعاء العام في ألمانيا لوكالة « بلومبيرغ»، أمس، أنّ “حاكم مصرف لبنان هو أحد المشتبه فيهم في إطار تجميد أصول لبنانية في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ بقيمة 120 مليون يورو في عملية لمكافحة تبييض الأموال”.
وكتبت” نداء الوطن”: بدأ عملياً الخناق الأوروبي يضيق على حاكم مصرف لبنان بشكل سيسرّع حكماً الخطوات الآيلة إلى تنحيه أو تنحيته نظراً لكون استمراره في منصبه أصبح ضرره على النقد الوطني أكبر من الضرر الناتج عن رحيله”، وفق ما رأت مصادر مالية، موضحةً أنّ “مجرد وجود أي شبهة قضائية دولية على أي حاكم مصرف مركزي يفرض استبعاده منعاً لتمدد تأثيرات هذه الشبهة على موقعه”… وعليه، أكدت المصادر أنّ إعلان وحدة التعاون القضائي الأوروبية “يوروجاست” تجميد أموال لبنانية على ذمة التحقيق في قضية “تبييض أموال واختلاس أموال عامة”، يوجب “البحث جدياً وسريعاً في إيجاد البديل لسلامة” نظراً لاستحالة استمراره في منصبه إثر ورود اسمه كواحد من المشتبه بهم في هذه القضية.وعلى الرغم من عدم ذكر التقرير القضائي الأوروبي أسماء المشتبه بهم والجهات التي جرى تجميد أصول تعود لها بقيمة 130 مليون دولار مع مصادرة 5 عقارات ذات صلة بالقضية، للاشتباه باختلاس نحو 330 مليون دولار و5 مليون يورو من الأموال العامة جرت مصادرتها في كل من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ وموناكو وبلجيكا، إلا أنّ المصادر المالية أعربت عن قناعتها بأنّ “أصابع الاتهام الأوروبية موجهة في هذا الملف مباشرة إلى حاكم مصرف لبنان وشقيقه نظراً للروابط الخاصة بين المبالغ المصرّح عن مصادرتها وبين المبالغ الواردة في حسابات شركة “فوري أسوشيتس” التي تعود ملكيتها لرجا سلامة”. علماً أنّ بيان القضاء الأوروبي أورد أنّ الأصول المصادرة تضمنت ممتلكات في هامبورغ وميونيخ الألمانيتين بنحو 35 مليون يورو، ومجمّعين عقاريين في باريس قيمتهما 16 مليون يورو وحسابات بنكية في موناكو قيمتها 46 مليون يورو، ليبتيّن وفق الادعاء العام في ميونيخ أنّ بيان “يوروجاست” متصل فعلاً بالتحقيقات الجارية حول حسابات وممتلكات حاكم المصرف المركزي اللبناني في 5 دول أوروبية.
وكتبت” الاخبار” كانت الحكومة اللبنانية تلقّت رسائل أوروبية رسمية تطلب التعاون في التحقيق المفتوح بحقّ سلامة، والذي يتولّاه محلياً القاضي جان طنوس، بإشراف النيابة العامة التمييزية. كذلك تلقّى لبنان أخيراً طلبات إضافية تشمل الحصول على تفاصيل دقيقة تتعلق بحسابات سلامة في مصرف لبنان وحسابات شقيقه رجا في كل المصارف اللبنانية، بما فيها كل عمليات السحب والإيداع والتحويلات، وإخضاع هذه الحسابات لعمليات تدقيق محاسبية وفق ما ينص عليه القانون ورفع السرية المصرفية عنها باعتبار أن التحقيق القائم في لبنان يقوم على تهمة الإثراء غير المشروع التي يتم بموجبها رفع السرية المصرفية فوراً.
المستغرب هو استمرار قبول النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات بتجميد مهمة القاضي جان طنوس ومنعه من مداهمة المصارف المعنية للحصول على المستندات. علماً أن هذه المصارف نفسها،بحسب مصدر معني، تشهد نقاشاً حول فرضية التعاون مع السلطات القضائية. إذ إنها قد تعرّض نفسها للملاحقة من الجهات القضائية الأوروبية بتهمة المشاركة مع سلامة في عمليات تبييض الأموال، وهو أمر موضع درس بين جهات قضائية وقانونية لبنانية وأوروبية.
وبحسب لائحة الإجراءات الأوروبية، فإن القرارات التي تشمل حتى الآن سويسرا وألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ، تهدف إلى مواصلة الحجز على كل العقارات والأموال التي تخص سلامة وشركاءه حتى تعادل قيمتها المبلغ المشتبه فيه باختلاسه، أي 330 مليون دولار، علماً أن العمليات المصرفية تشير إلى أن هذا المبلغ يصل اليوم إلى نحو نصف مليار دولار بفعل الفوائد والاستثمار الذي استخدم فيه في السنوات السابقة.