لماذا أُسقط آخر أمل لإستعادة أموال الناس؟

29 مارس 2022
لماذا أُسقط آخر أمل لإستعادة أموال الناس؟


يا أيها الذين أوصلونا إلى الحضيض وإلى مساواتنا من حيث تدّني نسبة السعادة بدولة أفغانستان، أتدرون ما صنعت أيديكم بهذا البلد الذي كان يوصف بـ”سويسرا الشرق” قبل أن تأتوا إليه منذ سنوات وتتربعوا على كراسي المسؤولية فيه؟  

ما هذه “الغيرة” الفجائية على أموال المودعين، وبالأخصّ الصغار منهم؟ أين كنتم يوم كان هؤلاء يقفون صفوفًا طويلة أمام المصارف لكي يحصلوا على حفنة من ليراتهم، التي لم تعد تشتري لهم شيئًا؟ لماذا أسقطتم مشروع الحكومة حول “الكابيتال كونترول”، وأنتم تعرفون أنه “الخرطوشة الأخيرة” لإستعادة الناس ما تبقّى لهم من أموال؟   
صدّقوني لم يكن حلم اللبنانيين، جنوبًا وشمالًا، شرقًا وغربًا، الوصول إلى مستوى السعادة التي تنعم بها شعوب الدول المتحضّرة، أو أقله إلى مستوى السعادة التي يتمتع بها من يعيشون في دولة الإمارات العربية، التي خصّصت وزيرًا للسعادة، لأنها تدرك أهمية أن يعيش من يستظل سماءها برفاهية وبحبوحة، ومن دون قلق أو خوف من الغد وما يخبئه المستقبل من مفاجآت غير منتظرة.  
فكل خطوة في هكذا دول تحترم ناسها محسوبة النتائج على اساس أن فيها أنظمة تُحترم، وأن فيها حقوقًا وواجبات، وأن مواطنيها والقاطنين فيها متساوون تحت سقف القانون، وأن ليس هناك صيفًا وشتاء فوق سقف واحد، وأن ليس هناك مواطن درجة أولى وآخر درجة ثانية، أو بالأحرى ليس هناك مواطن بسمنة وآخر بزيت. 
لم يكن طموحنا أن نصل إلى هذه الدرجة من الرقّي في تعامل الدولة مع مواطنيها ورعاياها. جلّ ما نطلبه أن يكون لدينا في بادىء الأمر دولة كاملة المواصفات، وهذا أبسط الحقوق وما يمكن أن نطالب به حتى نشعر بأننا نعيش في دولة تحرص على أن يكون مواطنوها في أمان أمني وإقتصادي وحياتي وغذائي. لا نطلب الكثير، لأننا نعرف إستحالة هذا الأمر في الوقت الحاضر.  
من حقّنا أن نطالب بأموال التي “حوشّناها” بـ”النص والربع والليرة” تحسبًا لغدرات الزمان، فكان أن غدر بنا هذا الزمان، فهاجر من إستطاع إلى ذلك سبيلًا. أمّا الذين بقوا، إما عن قناعة وإما لعدم توافر فرص الهجرة، فلا يزالون ينتظرون أن يأتيهم الفرج من حيث لا يتوقّعون.  
من حقّ هذا المواطن الصابر على بلواه أن يطمئن إلى مستقبله ومستقبل عياله في وطن أصبح فيه المجهول سمة مرافقة لمراحل التعثّر الممنهج والمتزايد بفعل تعمّد البعض في وضع العصي في دواليب الحكومة، التي لا تزال تعمل بما تقُدَّر عليه، على رغم كثرة الأحمال الثقيلة الملقاة على كاهلها. 
لن نيأس. لن نستسلم. سنبقى في الساحات، وأهمها ساحة 15 أيار، وإن كان البعض يحاول المستحيل من أجل دفع الناس للبقاء في منازلهم في هذا اليوم، الذي نعتقد أنه سيكون بداية التغيير. وأهمّ ما في هذا التغيير فصل الخيط الأبيض عن الخيط الأسود، وأن يُترجم شعار “كلن يعني كلن” في صناديق الإقتراع. 
لن نحمّل حكومة الرئيس ميقاتي مسؤولية ما يحصل لهذا الشعب المسكين من مآسٍ. ما يقوم به، في الداخل كما في الخارج، هو تبريد هذه الكرة قدر المستطاع حتى لا تحرق ما تبقى في وطن الأرز من مؤسسات، وأهمّها المؤسسات العسكرية. 
نريد أن نأكل عنبًا، مع حرصنا على أن نحاسب النواطير، الذين ناموا عن ثعالب لبنان “فقد بشمن وما تفنى العناقيد”.  
فعلى رغم نقمة الناقمين فإن نعمة التمييز لا تزال حاضرة. لا نزال قادرين على التمييز بين ما هو صالح للبلد وما هو طالح، بين من يعمل للمصلحة العامة، وما أقّلهم، وبين من يعمل لمصلحته الشخصية فقط، وما أكثرهم. 
غريب كيف أن جميع الأحزاب توافقت في جلسة اللجان المشتركة على إسقاط مشروع “الكابيتال كونترول”. كان في إمكانهم بكل بساطة إدخال عليه ما يرونه مناسبًا من ملاحظات، وهذا حقّهم التشريعي. ولكن على ما يبدو وراء الأكمة ما وراءها.