في خطاب الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الاخير تحدث، ومن خارج السياق العام والمباشر للاحداث، عن احد العروض الاقتصادية الروسية بالتفصيل، وحمّل الحكومة ورئيس الجمهورية ميشال عون (حليفه) جزءا من مسؤولية اهمال مثل هذه العروض ارضاء للولايات المتحدة الاميركية، كما ان زيارة وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان الى لبنان ترافقت مع اعادة تعويم جدية للعرض الايراني المرتبط بالكهرباء، اذ ركز ناشطون ووسائل اعلام قريبة من حزب الله على اهمية العرض.
ما يحصل اليوم من اعادة قتح ملفات العروض الشرقية في ظل استمرار الازمة، وتصعيد حزب الله حدة خطابه وحراكه السياسي ضد المصارف تحديدا يتزامن مع اقتراب الانتخابات النيابية المقبلة مع ما تحمله نتائجها من تبدلات في التوازنات الداخلية والتي من الممكن ان ترسم شكل الواقع السياسي للبلد لسنوات طويلة.
اذا حصلت الانتخابات النيابية في موعدها فإن واقع حزب الله وحلفائه، بحسب الاستطلاعات والظروف السياسية الحالية بافضل حاله، وسيتمكن الحزب حتما، في حال لم تحصل مفاجآت كبرى، من الفوز مع “حركة أمل” بالنواب الشيعة الـ٢٧ من دون اي خرق حتى في دائرتي جبيل وبعبدا..
كما ان الحزب استطاع فرض حصول معركة جدية مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في مختلف الدوائر المشتركة واستطاع اقناع “حركة امل” بها، اذ اخذ إلتزاما واضحا من الحركة بضرورة عدم تقسيم الاصوات في دائرة الشوف وعاليه وهذا ما يهدد بشكل كبير مقعد النائب مروان حمادة لصالح حليف الحزب وئام وهاب، وهذا ينطبق على مقعد النائب انور الخليل الذي اصبح لمروان خير الدين اي من حصة ٨ اذار بشكل كامل بغض النظر عن التخريجة التي وصل اليها الرئيس نبيه بري مع جنبلاط.
المعركة على المقاعد الدرزية تشمل بيروت الثانية وحتى البقاع الغربي اذ سيتمكن الحزب وحلفاؤه من الفوز عمليا باربعة نواب دروز كحد ادنى اي نصف الحصة الدرزية في المجلس النيابي، كما يسعى الحزب الى زيادة عدد النواب السنة المتحالفين معه الى اكثر من عشرة، وهناك بعض المتفائلين في قوى الثامن من اذار يتحدثون عن الفوز بنصف المقاعد السنية من عكار الى بيروت الثانية فالبقاع الشمالي.
ومن خلال دعم التيار الوطني الحر سيعمل الحزب على ان يفوز حلفاؤه بأكبر عدد ممكن من المقاعد المسيحية، ما يعطيه في المجمل اكثرية نيابية مريحة تمتلك ميثاقية اقله في الشكل. هذا الواقع يكرسه تعامل الحزب الجريء مع بعض الدوائر الحساسة والعمل على تحقيق فوز صريح فيها بعكس ما كان يفعل في الاستحقاقات الماضية.
هذا كله يحصل على وقع تسويات جدية بين ايران والولايات المتحدة وبين دمشق والرياض، وفي ظل حراك سياسي كبير يقوم به الحزب بعيدا عن الاضواء يشمل عملية تواصل واسعة اقليمية وداخلية ستظهر نتائجها تباعا، قبل الانتخابات وبعدها. من هنا يطرح السؤال، هل يعد حزب الله العدة ليحكم؟
لا اجابة واضحة على هكذا سؤال خصوصا ان الحزب يتجنب عادة الذهاب بعيدا في تعاطيه مع الساحة السياسية، لكن معطيات كثيرة وتصريحات متقاطعة لعدد من ابرز قياديي الحزب في جلسات حزبية مغلقة توحي بأن الحزب سيتعاطى بشكل مختلف في الساحة اللبنانية، ان كان من خلال اعادة تنظيم موقعه في النظام اللبناني او ادارة علاقته مع القوى السياسية، وهذا ما يفتح الباب امام كل الاحتمالات.