موعد الإنتخابات النيابية في 15 أيار يقترب. ومع دخول البلاد في أجواء الإستعدادات القائمة على قدم وساق تحضيرًا لهذا الإستحقاق الدستوري، الذي يعتبره الجميع مصيريًا، ندخل في مرحلة غياب التشريع، بإعتبار أن أولوية الإهتمام ستؤول حتمًا إلى تفرّغ الكتل النيابية لمعاركها الإنتخابية، التي ستكون طاحنة في أكثر من دائرة ومنطقة، خصوصًا بعدما بلغ مستوى التحدّي حدودًا غير مسبوقة، وبعدما تخطّت المواقف السياسية الخطوط الحمر.
ولأن ما نحن مقبلون عليه سيكون خاليًا من أي تشريع، ولأن المجتمع الدولي يضغط على الحكومة لكي تسرّع الخطى في مجال السير بالإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، كان الإصرار من قبل رئيس مجلس الوزراء على أن تقترن الخطط الحكومية بتشريعات مجلسية، إذ من دون هذه التشريعات تبقى كل هذه الخطط حبرًا على ورق، ولا يمكن بالتالي تقديمها إلى المجتمع الدولي بصيغة نهائية.
من هنا كان الإصرار على أن تُقرّ الموازنة العامة قبل دخول البلاد في أجواء الإنتخابات النيابية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مشروع “الكابيتال كونترول”، الذي أسقطته اللجان النيابية أمس الأول بالضربة القاضية وحالت دون طرحه في جلسة الهيئة العامة للمجلس، وذلك بفعل تقديم البعض مصالحه الشخصية والإنتخابية على المصلحة الوطنية.
كان يُفترض، ووفق ما يقوله المنطق، أن تناقش اللجان المشتركة مشروع الحكومة لـ”الكابيتال كونترول” بالتفصيل وبموضوعية، وأن تدخل عليه التعديلات التي تراها مناسبة وتؤّمن مصلحة المودعين، كما حاول الإيحاء به جميع الذين تحدّثوا بعد جلسة اللجان، الذين أعادوا الكرة إلى ملعب الحكومة. ولأنها تريد أن تأكل عنبًا أعادت الحكومة، من خلال مواصلة الإجتماعات الهادفة إلى تعديل ما يمكن تعديله على مشروعها الأساسي بما يؤّمن ضمان إقراره في اللجان مجدّدًا، في حال كانت النوايا صافية وصادقة ولا تستند إلى مواقف شعبوية بحتة، على أن تُعرض الصيغة النهائية المعدّلة على جلسة مجلس الوزراء اليوم في قصر بعبدا.
فهل ستتم دعوة المجلس النيابي إلى جلسة تشريعية جديدة عندما تحيل الحكومة مشروعها المعدّل؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة.
فخطة التعافي تبقى حبرًا على ورق في نظر المجتمع الدولي إذا لم تقترن بدمغة مجلس النواب، على أن تبقى الأولوية كمخرج أولي من الأزمة هو اتفاق تمويلي إصلاحي مع صندوق النقد، وهذا ما تحاول الحكومة القيام به تمهيدًا لعرض هذه الخطّة على مكوّنات القطاع الخاص وتحديدا القطاع المصرفي والهيئات الاقتصاديّة لكي يبدوا رأيهم في الموضوع منعا لتكرار الأخطاء التي حصلت خلال الحكومة السابقة.
المهم في كل ذلك ان تسير أي خطة إصلاحية بالتوازي بين مشاريع القوانين التي تعدّها الحكومة وبين ما يمكن أن يصدر عن مجلس النواب من تشريعات تُعتبر أساسية في الورشة الإصلاحية، لأن المجتمع الدولي لن يعترف بأي خطة إصلاحية إن لم تكن مقرونة بتشريعات واضحة ومحدّدة. من هنا يأتي دور مجلس النواب، الذي هو أساسي في العملية الإصلاحية، بالتعاون والتكامل بينه وبين السلطة التنفيذية.