بعد يومين من المناقشات والمشاورات حول المواضيع الحضرية، اختتم المنتدى الوطني الحضري اللبناني الأول فعالياته مؤكّداً على ضرورة وضع المدن اللبنانية في صلب المساعي من أجل تحقيق الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي المستقبلي والتنمية المستدامة في البلاد. تمّ تنظيم المنتدى من قبل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat) ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا).
ومع اختتام فعاليات المنتدى، تم تقديم اقتراحات تستهدف قطاعات النقل والإسكان والطاقة، باعتبارها أساسية وتشكّل فرصة لتحضّر سليم ولبناء دولة مزدهرة في المستقبل.وقد تم خلال المنتدى الحضري إطلاق التقرير عن حالة المدن اللبنانية – الأول من نوعه عن حالة التحضّر، أعدّه برنامج UN-Habitat بالشراكة مع الإسكوا وهو يقيّم واقع عشرة مدن لبنانية من خلال 19 موضوعًا، محدّدًا النقاط التي يمكن المباشرة من خلالها بالتقدم نحو لبنان حضري مستدام. ويظهر التقرير أنّ النمو الحضري خلال العقود الماضية كان صادمًا في بعض المدن وفي أغلب الأحيان غير منظم. وقد نمت المدن العشر جميعها على هذا النحو وبلغت مساحتها الإجمالية أربعة أضعاف مساحة مدينة طرابلس خلال العقود الثلاثة الماضية.
بالإضافة إلى ذلك، تخلل المنتدى إطلاق ثلاثة تقارير حول الإسكان والنقل من خلال جلسات حوارية تقنية ضمّت مجموعة من الخبراء والممثلين عن الجهات الرئيسية المعنية. تعتبر هذه التقارير جزءً من برنامج السياسة الحضرية الوطنية (NUP) الذي أطلقه برنامج UN-Habitat سابقاً، وهي تقدّم اقتراحات أساسية لإصلاح قطاعي النقل والإسكان، وتلبية الاحتياجات الآنية وتحقيق الأهداف الطويلة الأجل. واستخلصت جلسة النقل في المنتدى على إمكانية تحويل الأزمة الحالية إلى فرصة لتسريع عملية استخدام وسائل النقل البديلة والحاجة إلى تنفيذ الإصلاحات على مستوى السياسات الوطنية من أجل ضمان قدرة التنقل العادلة لجميع السكان. وجلسة الإسكان سلطت الضوء على أهمية إصلاح السياسات لإنعاش سوق الإسكان وزيادة العرض للمساكن ميسورة التكلفة. وفي هذا السياق، يمكن للمشاريع التجريبية المتزايدة أن تؤدي إلى أفضل الممارسات وتمهّد الطريق لإصلاحات التي ستتبع. أما جلسة الطاقة فأشارت إلى أنّ الاستثمار المناسب في التقنيات المستدامة اللامركزية يمكن ان يتمّ على مستوى المدينة أو على مستوى الأسرة، مع زيادة الوعي حول الأطر القانونية القائمة والمطلوبة، وذلك لأهميتها لتلبية احتياجات الطاقة الحالية وطويلة الأجل. كما أظهرت الجلسة أنّ الجهات المعنية المتعددة (القطاعين العام والخاص والمؤسسات الأكاديمية) تبذل جهودها لتبسيط الحوارات نحو حلول الطاقة المتجددة المستدامة في لبنان.
والتقارير الثلاثة التي أطلقها برنامج UN-Habitat هي:1. دليل برنامج UN-Habitat لدمج النقل والتنقّل في السياسة الحضرية الوطنية في لبنانيطرح هذا الدليل مجموعة من الإرشادات واقتراحات السياسات وكذلك الأولويات لتطوير قطاع النقل في لبنان نحو مستقبل مستدام، وهذا من خلال المساعدة على تحسين قدرة التنقل وتوفير خدمات النقل في جميع أنحاء البلاد. وتم إعداد الدليل تحت إطار “التمكين-التجنب-التحول-التحسين” المعتمد في رسم السياسات لاستدامة النقل والتنقل.2. دليل برنامج UN-Habitat لدمج الإسكان في السياسة الحضرية الوطنية في لبنانيحدّد هذا الدليل ثلاث أولويات رئيسية لسياسة الإسكان بعد تحليل وضع قطاع الإسكان في لبنان: 1) تعزيز ضبط وتنظيم سوق الأراضي والعقارات؛ 2) تنويع القنوات لتمويل وإتاحة الفرص لتحسين الإسكان والمساكن؛ 3) تأهيل المساكن الرسمية وغير الرسمية الموجودة. كما يقدّم الدليل خطة عمل لتحويل الاقتراحات إلى برامج وأدوات ووسائل تدخّل قابلة للتنفيذ، مع طرح 21 اقتراحًا ومبادرات قصيرة الأمد، ووضع الأساس لتحقيق أهداف السياسات طويلة الأجل.3. التقرير التحليلي للسياسة الحضرية الوطنية في لبنان: تقاطع الإسكان والنقليهدف هذا التقرير التحليلي إلى تقديم رؤى معمقة في السياسة الحضرية الوطنية في لبنان من خلال استكشاف الروابط بين قطاعي الإسكان والنقل باعتبارها قطاعات ذات أولوية. ويتم ذلك بناءً على تحليل عام لترابطهما في التخطيط والتنمية الحضرية. وينظر التقرير أيضًا بإيجاز الى الاعتبارات الإضافية الناتجة عن جائحة كوفيد- 19 على هذين القطاعين في لبنان، باعتبارها مثالاً لأزمة ذات نتائج على صعيد السياسات.كما تضمّن المنتدى تنظيم المعرض الحضري حيث عرض المشاركون أمثلة عن أفضل الممارسات والحلول المستقبلية المتعلقة بالإسكان والنقل والطاقة المتجددة. وهدف المعرض إلى ترويج هذه الممارسات والحلول، بالإضافة الى تبادل الخبرات ومشاركة المعرفة وإيجاد الفرص.وخلص المنتدى الوطني الحضري اللبناني الأول، بقراءة إعلان التوصيات الذي تضمن سلسلة من الالتزامات والاقتراحات العملية المستخلصة خلال المنتدى. وهذه الالتزامات هي تجاه لبنان وشعبه وسكانه، تأكيدًا على المكانة المركزية للتحضر والتخطيط الحضري، في السعي إلى تحقيق الرفاهية المستقبلية لجميع السكان في لبنان.