القطاع العقاري المُنهار.. هل يُمكن ان تحرّكه عودة قروض الإسكان؟

5 أبريل 2022
القطاع العقاري المُنهار.. هل يُمكن ان تحرّكه عودة قروض الإسكان؟


في خضم الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ أكثر سنتين ونصف السنة تم تعليق كل القروض السكنية بسبب تراجع قيمة الليرة اللبنانية إلى مستويات متدنية، الا ان بصيص أمل عاد بإمكانية تأمين مسكن من خلال إعلان مصرف الإسكان عن خطة تتعلق بالقروض السكنية. 
 
فقد أعلن رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب عن مشاريع قديمة مُستحدثة وأخرى جديدة ستُطرح قريباً على طاولة مجلس إدارة المصرف، من شأنها تأمين مَسكن للراغبين في شراء شقة أو إعادة تأهيل منزل قديم، مؤكداً أن “القروض مخصّصة لذوي الدخل المتوسّط والمحدود”.  
 
 ماذا عن الشروط؟ 
أوضح حبيب ان “المبلغ المرصود لقروض الشراء والبناء يصل إلى مليار ليرة بما يوازي تقريباً 50 ألف دولار تُسدَّد على مدى 30 سنة بفائدة 6% مع دعم 1% من المصرف لتُصبح 5%، مع الإشارة إلى أن القروض مخصّصة فقط للشراء أو الترميم في قرى الريف والمناطق وليس للعاصمة وضواحيها، على أن يسدِّد المُقتَرِض دفعة مُسبَقة تساوي 10 أو 20 في المئة من قيمة القِرض، وألا يقل راتبه عن 15 مليون ليرة، أو مجموع راتبه مع راتب زوجته أو الكفيل فيوازي بذلك القسط الشهري ثلث راتب المقترِض أو راتبه زائد راتب زوجته”.  
 
أما عن الترميم فيُرصد لترميم المسكن أو تحسينه 400 مليون ليرة مقسّطة على 10 سنوات بفائدة 5% مدعومة، وفق الشروط المذكورة. 
 

مصادر التمويل 
وعن المصدر الخارجي لتمويل قروض مصرف الإسكان، فهي “القرض العربي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية بما يُعرف بالقرض الكويتي، والبالغ 50 مليون دينار كويتي ما يعادل 165 مليون دولار أميركي، وافق عليه مجلس النواب ومجلس الوزراء الكويتي، كما هناك أيضاً أموال خاصة للمصرف تبلع 430 مليار ليرة سيبدأ المصرف باستخدامها في عملية الإقراض، وهناك اتصالات مع منظمة الأمم المتحدة لشؤون السكن ما يمهّد لمشاريع مشتركة”، كما أوضح حبيب.  
 
 تحريك سوق العقارات 
بعد فورة في سوق العقارات عام 2020 بسبب لجوء العديد من اللبنانيين لاستبدال شيكات ودائعهم في المصارف بعقارات سكنية وغيرها جراء الأزمة المالية والاقتصادية التي بدأت منذ العام 2019، يشهد القطاع اليوم حالة من الركود، وانكمشت حركة البيع نتيجة تراجع تداول الشيكات المصرفية كوسيلة للدفع، وبعد بدء معظم البائعين طلب الدفع إما نقدا بالدولار أو عن طريق حسابات مصرفية خارج البلاد.  
 
أستاذ استراتيجيات الاستثمار في الأسواق العقارية في الجامعة اللبنانية الأميركية جهاد الحكيّم أشار في حديث لـ “لبنان 24” إلى ان “سوق القطاع العقاري انخفض في الفترة الأخيرة أكثر من 60 بالمئة، في حين ارتفع سوق الذهب بنحو 70 بالمئة”، لافتا إلى ان “سعر الشقق يختلف من منطقة إلى أخرى، فشقة مساحتها 90 متراً خارج بيروت أصبحت تُباع بأقل من 20 ألف دولار” .  
 
وقال “ان المغتربين اللبنانيين هم من يقومون بشراء العقارات وباتوا حالياً يفضلون شراء شقة على بناء مسكن لأن بناء شقة على سبيل المثال قد يحتاج إلى 80 ألف دولار في حين ان الشراء يكلف 40 ألف دولار كاش، أي أصبحت الشقة تُباع بأقل من كلفتها أو ما يسمى بـ  Replacement cost.  
 
واعتبر الحكيّم ان “خطوة مصرف الإسكان لا تحرك قطاع العقارات لأنها مخصصة للشراء أو الترميم في قرى الريف والمناطق وليس في بيروت وضواحيها وعلى المُقترض ان يدفع دفعة مسبقة بنسبة 20% أي يتوجب عليه ان يدفع 10 آلاف دولار كدفعة أولى والا يقل راتبه عن 15 مليون ليرة وبالتالي هذه الشروط غير متوافرة عند أبناء الريف والمناطق ولا تناسب أصحاب الدخل المحدود”، ولفت إلى ان “الرواتب الحالية لأغلبية الموظفين لا تتجاوز الـ 5 أو 7 ملايين ليرة، وبالتالي لا تكفي لدفع الحاجات الأساسية كفاتورة مولد الكهرباء وصفائح البنزين والأدوية والفاتورة الصحية ولن يكون بمقدوره الاقتراض على الرغم من انخفاض أسعار الشقق.” 
 
وشدد الحكيّم على ان “الأزمة الكبرى في سوق العقارات ليست في القرى بل في العاصمة وضواحيها”، معتبرا ان “أولوية اللبنانيين اليوم تقتصر على كيفية تأمين حاجاتهم اليومية والأساسية، فهم يعيشون كل يوم بيومه ولا يبالون بالإستثمار في القطاع العقاري كونهم لا يدرون ما سيحمله المستقبل”. 
 
ولفت إلى “ان الأزمة الاقتصادية والمالية وما رافقها من تبخّر للودائع والمدخرات وانهيار للقطاع المصرفي، وتوقف القروض السكنية، وتدهور سعر صرف الليرة والقدرة الشرائية للمواطنين في لبنان كما في الاغتراب، كل هذه العوامل ساهمت بتسريع عملية انهيار القطاع العقاري”.  
 
لطالما اعتبر اللبناني العقار بمثابة الملاذ الآمن له ولعائلته، فهل سيحرّك إعلان مصرف الإسكان هذا القطاع الذي يشهد ركودا منذ نحو سنتين؟