انتهت أمس مهلة تسجيل اللوائح الانتخابية لجميع قوى الاحزاب وقوى المجتمع المدني التي عزمت على المشاركة في الانتخابات النيابية. وفي نظرة سريعة على هذه اللوائح يظهر أن قوى الاحزاب تدرك جيدا حجم قوّتها حيث ذهبت الى ترشيح شخصيات بأعداد محدودة هُنا وهناك في إطار التنافس التقليدي في ما بينها، في حين أن المجموعات المدنية غرقت في الترشيحات العشوائية وتشتّتت بين تعدّد اللوائح في مختلف الدوائر.
لكن احدى اهم المعايير التي يمكن البحث من خلالها عن طبيعة وشكل هذا الاستحقاق المنتظر هي حالة الخلاف الكبير بين “الحزب التقدمي الاشتراكي” و”حزب الله”، اضافة الى الازمة السنية التي سترخي بتأثيراتها على قوى الرابع عشر من آذار.احدى اهم مؤشرات نتائج الانتخابات المقبلة مرتبطة بحجم تمثيل قوى الرابع عشر من آذار ونقاط ضعفها وقوّتها، إذ يبدو واضحاً ان “تيار المستقبل” إنكفأ فعلياً وبشكل كامل عن الحياة السياسية وعن المشاركة الانتخابية، وأن كل الاحاديث عن ترشيحات بالجملة والمفرّق لشخصيات مقرّبة من “المستقبل” مدعومة منه من “تحت الطاولة” دُحضت جميعها بعد انتهاء مهلة تسجيل اللوائح إذ يبدو ان هؤلاء عددهم قليل نسبياً ولا يمكن احتسابهم مقارنة بحجم اللوائح التي ستترشح في الساحة السنية.
من هُنا يمكن التوقّع بأن نسبة التصويت السنية ستكون ضئيلة ما سيؤثر بشكل مباشر على “المستقبل” أولاً وعلى فريقين آخرين هما “القوات اللبنانية” التي اتكأت في المرحلة الماضية على الاصوات السنية في العديد من المناطق، عكار، بعلبك الهرمل، زحلة وحتى في بيروت الاولى والبقاع الغربي وغيرها من الدوائر.الفريق الثاني، هو “الحزب التقدمي الاشتراكي” الذي يبدو أيضاً متضررا من غياب “المستقبل” عن الساحة الانتخابية هو الذي استفاد في فترة سابقة من القوة الشعبية للأخير في البقاع الغربي وفي الشوف وعاليه وحتى في بعبدا.تقول المصادر أن تراجع نسبة التصويت السّنية سيفتح الباب امام متغيرات جذرية في الواقع السياسي والنيابي، لكنّ التغير الثاني مرتبط أيضاً بالساحة الدرزية، إذ إن “التقدمي الاشتراكي” قد يكون ومن دون مبالغة اكبر الخاسرين في هذه الانتخابات، فإذا كان “المستقبل” قد تمكّن من الاستفادة من انكفائه وانسحابه من خلال التعاطف الشعبي السني الكبير معه فإن “التقدمي الاشتراكي” قد يواجه خسارة استراتيجية قاسية في الانتخابات.
ترى المصادر ان المعركة الانتخابية التي يقودها “حزب الله” عموماً وقوى الثامن من آذار ستؤدي الى خسارة “التقدمي الاشتراكي” عددا من المقاعد الدرزية، ويرجح البعض ان ثمة مخاوف جدية من أن تصبح الاكثرية الدرزية مع قوى الثامن من آذار؛ ما بين طلال ارسلان ووئام وهاب ومرشح الحزب الديمقراطي عن مقعد بيروت، ومروان خير الدين عن الجنوب، اضافة الى امكانية ان يفتح “حزب الله” معركة جدية في البقاع الغربي للفوز بالمقعد الدرزي وبالتالي خسارة النائب وائل ابو فاعور.كل ذلك يوحي ان اربعة نواب باتوا شبه محسومين من حصة فريق الثامن من آذار، وستكون المعركة على النائب الخامس وعلى الاكثرية الدرزية، وبالتالي فإن تراجع حجم “القوات” متأثرة بالصوت السني وغياب تيار “المستقبل” اضافة الى تضعضع الكتلة الدرزية الاشتراكية سيعني تغيّراً كبيرا في المشهد السياسي، الا في حال لعبت العودة الخليجية الى لبنان والمتوقعة خلال ايام دوراً جديًا في اعادة فتح الافاق امام التكتلات السياسية وشد العصب وتحديدا العصب السني الذي سيعيد التوازن الى الساحة المحلية.