أكد وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى انه “سوف يبقى لبيروت صوت آخر، صوت الثقافة الحرة، صوت القيم، وهي تناضل لرفع الظلم وجبه العدوان والتحرير وإحقاق الحق صوت الجمال والخير، وصوت انفجار المرفأ الذي عصف في وجه كل لبناني، ولن يخفت أو يستكين حتى يرتفع صوت العدالة معلنا الحقيقة غيرالمسيسة وغير الموظفة في أجندات الفوضى التي يريدونها لهذا البلد. وهو كذلك صوت المواطنين الذين يعانون أحوالهم الصعبة في ظل ما نحن فيه من أزمة معيشية متفاقمة. هذه الأصوات كلُّها تشكل اليوم حنجرة بيروت”.
كلام الوزير المرتضى جاء خلال رعايته واطلاقه النسخة الثانية من “اسبوع الصوت ” لليونسكو بعنوان “اصوات المدينة” الذي عقد في الكلية العالية لادارة الاعمال “ESA ” كليمنصو، في حضور المدير العام للكلية ماكسانس ديليت، مؤسس ورئيس جمعية اسبوع الصوت في باريس كريستيان هوغوينه، مؤسسة ومديرة معهد السمع في معهد باستير البروفسورة كريستين بتي، المؤسس السابق لاسبوع الصوت الدكتور بيار انهوري وحشد من الفاعليات والشخصيات المعنية بموضوع “بيئة الصوت”.
بدأ الوزير المرتضى كلمته عن تأثير الصوت:” من همس النسمة حتى دوي القنبلة يتراوح تأثير الصوت على البشر والطبيعة إيجابا وسلبا. كأن سفر الذبذبات ما بين حنجرة وأذن أشبه بدورة دموية ثالثة، لا كبرى ولا صغرى، بل بين بين، إذا عذبت تغذت بها خلايا الروح، أو خشنت تجلطت فيها الضوضاء وسدت شرايين السكينة”.
وقال: “لقد خبر الوجود الصوتين من خشن وعذب، في هدوء الطبيعة وفوران عناصرها، وفي حفيف أحلام المنام وضجيج آلات الحروب؛ وعرف الصوت صلاة وتسبيحا، وصراخا وعويلا، ونبرة أبجدية ونغمة أغنية، وعصف رياح وتغريد عصافير، وما ارتقت الحضارة إلا بترويض الأصوات الوحشية وتهذيب أدائها، يوم صارت الموسيقى أشد الفنون الجميلة التصاقا بالجمال وأكثرها انتشارا بين الثقافات”.
أضاف: “لكن، إقرارا بالحقيقة، علينا الاعتراف بأن الإنسان عاث كثيرا في موجات الصوت ومسافاته الرقيقة، فعله في أمور كثيرة تلقفها من الطبيعة، أو نمتها له مسيرة الوجود. فالصخب الذي يسيطر على نواح عديدة من حياتنا اليومية، في البيت والعمل والشارع وأماكن اللهو، اناء الليل وأطراف النهار، جعل الهدوء عملة نادرة قل أن نحظى بها إلا في النوم”.
وتابع:”من هذا المنطلق عام 2017 تداعت بضع دول من ضمنها لبنان وفرنسا إلى إطلاق مبادرة “أسبوع الصوت” التي تبنتها منظمة الأونيسكو، وها نحن نحيي اليوم نسختها الثانية في بيروت بعنوان “أصوات المدينة”. لا يخفى على أحد، أن أول ما يتبادر إلى الأذهان عند الحديث في أصوات المدينة هو هدير المحركات وزعاق أبواق السيارات وجلبة الأقدام على الأرصفة وصراخ السياسيين، وما إلى ذلك من ألوان ضجيج يومي”.
واستطرد معتبرا أن “لبيروت صوتا آخر. إنه صوت الثقافة الحرة الذي صدح على مطابعها وصحفها ودور نشرها ومعارض فنونها ومسارحها وشاشاتها وموسيقاها. إنه صوت القيم، وهي تناضل لرفع الظلم وجبه العدوان والتحرير وإحقاق الحق. إنه صوت فيروز وهي تغني الجمال والخير، وتلوح بالحنين والسلام إلى المدن العربية من خليج بيروت إلى “شط اسكندرية” مرورا بالقدس ودمشق وبغداد وعمان والكويت والقاهرة وأبو ظبي، وسواها من عواصم المجد العربي. وهو بكل أسف أيضا، صوت انفجار المرفأ الذي عصف في وجدان كل لبناني، ولن يخفت أو يستكين حتى يرتفع صوت العدالة معلنا الحقيقة غير المسيسة وغير الموظفة في أجندات الفوضى التي يريدونها لهذا البلد. وهو كذلك صوت المواطنين الذين يعانون أحوالهم الصعبة في ظل ما نحن فيه من أزمة معيشية متفاقمة. هذه الأصوات كلها تشكل اليوم حنجرة بيروت”.
واشار إلى أن “للصوت في اللغة العربية ما يقترب من ألفين ومئتي اسم. لكننا في لبنان قادمون غدا إلى غمرة أصوات تفوق هذا العدد زهاء ألف مرة. إنها الأصوات الانتخابية التي ستنزل ساكتة في صناديق الاقتراع، لكي تقول مشيئة الشعب في ممثليه للأعوام الأربعة المقبلة”.
وختم: “لذلك أدعو اللبنانيين جميعا إلى أن يدلوا بأصواتهم لصالح من يشاؤون، فهم أحرار فيما يرون لأنفسهم ومستقبلهم. يكفي أن تكون الديموقراطية عرسا باذخا للأصوات الواعية الصادقة”.