في زحمةِ اللوائح الانتخابيّة في الشوف – عاليه والبالغ عددها سبعة مع إقفال باب تسجيل اللوائح رسمياً ليل 4 – 5 نيسان الجاري، باتَ رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط أمام واقعٍ انتخابي يتطلب تحركاً إضافياً من قِبله لتطويق اللائحة التي يدعمها.
حالياً، تشيرُ التقديرات إلى أن لائحة “الشراكة والإرادة” التي تتألف من تحالف “الحزب التقدمي الإشتراكي – القوات اللبنانية – حزب الوطنيين الأحرار – سعد الدين الخطيب”، قد تنالُ 8 حواصل انتخابية. هنا، يبقى الرهان كبيراً على قدرة جنبلاط في تمكين تلك الحواصل من دون حصول أي خروقاتٍ مفاجئة، لاسيما أن اللائحة انطلقت بخسائر لم تُعوّض حتى الآن.في انتخابات العام 2018، كان تيار “المستقبل” إلى جانب جنبلاط ضمن تحالف عريض مع “القوات اللبنانية”، إذ قدم للائحة “المصالحة” آنذاك قرابة الـ15 ألف صوتاً (10003 أصوات للنائب محمد الحجار، و 4998 صوتاً للوزير السابق غطاس خوري). مع هذا، فإنه خلال الانتخابات الماضية أيضاً، تحالف “الإشتراكي” مع الوزير السابق ناجي البستاني الذي استطاع تقديم 5245 صوتاً للائحة. كذلك، استعان جنبلاط بحركة “أمل”، إذ صوّت مناصروها في الشوف للنائب نعمة طعمة، ناهيك عن دعم الجماعة الإسلامية للمرشح السنّي على اللائحة بلال عبدالله ومرشحين آخرين.
فعلياً، فإن جنبلاط فقد كل عناصر القوّة هذه، وتشير التقديرات إلى أن اللائحة المدعومة من “الاشتراكي” انطلقت يوم الثلاثاء من دون 30 ألف صوتٍ، وهو رقمٌ كانت اللائحة حاصلة عليه في انتخابات العام 2018 بسبب كل العناصر المذكورة آنفاً.ما الذي يمكن تعويضه في انتخابات 2022؟في ما خصّ تيار “المستقبل”، كان هناك كلامٌ واضح بعدم المشاركة في الانتخابات إما بتشكيل لائحة أو عبر دعم أي مرشح بشكل علني. أما في الإطار غير المباشر، فالحكاية تختلف تماماً. ففي الوقت الحالي، تشيرُ معلومات “لبنان24” إلى أنّ التيار سينطلقُ باتجاه لائحتين: الأولى وهي لائحة “الشراكة والإرادة” التي يدعمها جنبلاط بغض النظر عن تحالف الأخير فيها مع “القوات اللبنانية”. أما اللائحة الثانية التي قد تحصل على أصوات “المستقبل”، فستكون من ضمن اصطفاف لوائح المجتمع المدني، أي أن لائحة من اللوائح الـ5 المسجلة ستحصل على دعمٍ من التيار، على أن تكون الأصوات موجهة باتجاه مرشح واحد.
تقول مصادر سياسية مواكبة لـ”لبنان24” إنّ “تيار المستقبل ورغم خلافه العميق مع القوات اللبنانية، لن يعمق التباعد مع جنبلاط خلال الانتخابات الحالية، علماً أن جمهور تيار المستقبل وبشكل أكيد، لن يصبّ باتجاهِ لائحة الجبل المدعومة من التيار الوطني الحر”، وتضيف: “كذلك، فإنّ تيار المستقبل لن يكونَ مع كافة لوائح المجتمع المدني باعتبار أن الكثير من الناشطين في الجبل وجهوا السهام المباشرة ضد الرئيس سعد الحريري في تشرين الأول 2019 إبان اندلاع الثورة، وطالبوا بإسقاطه فوراً”.وأوضحت المصادر أنّ “اللائحة التي تتحالف معها الجماعة الإسلامية (لائحة إرادة وطن)، قد لا تلقى دعماً من المستقبل، والسبب هو أنّ مرشح الجماعة في الشوف محمد عمار الشمعة كان وجّه كلاماً غير مقبول باتجاه الحريري إبان انتفاضة 17 تشرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي استنفر الجماعات المحسوبة على المستقبل في الشوف، وجعل اسم مرشح الجماعة غير مقبول انتخابياً بالنسبة لهم”.كذلك، فإن التحالف بين المستقبل والجماعة مستبعدٌ، باعتبار أن التقارب انعدم منذ فترة طويلة نظراً لحسابات سياسية عامة، في حين أن المخاوف كبيرة من استفادة مرشح الجماعة من الحاصل الانتخابي، ما يعني وجود إمكانية لفوزه. ولهذا، فإن “المستقبل” ولكي يضمن عدم قفز الجماعة فوقه “انتخابياً”، قد يختار عدم دعم أي لائحة تنضم إليها الجماعة الإسلامية. في المقابل، من الممكن أن ينصبّ تركيزٌ طفيف على مرشحين ضمن اللائحة نفسها التي تنتمي إليها الجماعة الإسلامية، خصوصاً أولئك الذين لا يعتبرهم “التيار” في عداد النافرين. على صعيد ناجي البستاني، فقد بات محسوماً أنّ أصواته ستصبّ عند لائحة “الجبل” التي تتألف من تحالف “التيار الوطني الحر – الوزير السابق وئام وهاب – النائب طلال أرسلان”. حالياً، فإن البستاني يعملُ على إعادة حشد “جمهوره القديم” في ساحل الشوف، وذلك من أجل تشكيل حالة ضغطٍ. في المقابل، فإنّ هناك امتعاضاً من البستاني في الأوساط المسيحية كونه لم يكن حاضراً خلال السنوات الـ4 الماضية على الصعيد الخدماتي، في حين أن هناك مخاوف من انقلابه على التحالف الذي ينتمي إليه حالياً بحال فاز في الانتخابات.عن هذا الأمر، تتخوف مصادر سياسية بأن يكون البستاني وديعة لجنبلاط، بمعنى أنه في حال فاز الأول، من الممكن أن ينحازَ للائحة “الشراكة والإرادة”، خصوصاً أنه كان قريباً جداً من جنبلاط خلال الفترة الماضية، وقد سعى الأخير لجذبه إلى لائحته. وانطلاقاً من هذا الأمر، فإنه من الممكن تماماً أن يكون “التيار الوطني الحر” قد عارضَ انضمام ناجي البستاني إلى التحالف بسبب الثغرة الكبيرة التي جرى ذكرها، لكن تمسك وهاب بالبستاني بسبب الحاصل الانتخابي الذي سيقدّمه للائحة، كان العامل الأساس والأولي لتثبيته”.أما في ما خصّ حركة “أمل”، فإن التوجه القائم حالياً هو عدم تحالفها مع “الإشتراكي” بسبب تحالف الأخير مع “القوات اللبنانية”. ففي العام 2018، صدر أمرٌ للحركيين في الشوف لانتخاب نعمة طعمة، إلا أن هذا الأمر لن يتجدّد حالياً باتجاه لائحة جنبلاط. ووفقاً لمعلومات “لبنان24″، فإنّه “لا قرار حتى الآن” لدى الحركة بشان مرشح مُحدد ستتوجه الحركة لدعمه في أي لائحة، والسيناريو الأقرب هو أن المحسوبين على حركة “أمل” قد تترك لهم حرية الاختيار في التصويت، واللائحة الأقرب للبعض منهم هي التي تجمع “الوطني الحر – أرسلان – وهاب”، في حين أن البعض الآخر من المناصرين غير المنتمين للحركة قد يصبون فعلاً عند اللائحة المدعومة من جنبلاط وتحديداً لدى المرشح السنّي بلال عبدالله، نظراً للتقارب المناطقي أو العائلي بين الطرفين.
على صعيد الجماعة الإسلامية، فإنّ توجّهها للتحالف مع شخصيات في المجتمع المدني، جعلها تبتعدُ تماماً عن جنبلاط، إذ أنه خلال الانتخابات الماضية، استطاع الأخير استمالة جزء كبير من أصواتها للائحته. وبشكل أساس، فإن هناك قراراً مركزياً لدى الجماعة الإسلامية بالتصويت لصالح مرشحها السنّي محمد عمار الشمعة ضمن لائحة “إرادة وطن”، ما يعني أن هناك ما يقارب نسبة تصل إلى 4000 صوت، خسرها جنبلاط بعدما استطاع قطف جزء منها في العام 2018.في المقابل، تتحدث مصادر سياسية عن إمكانية وجودِ ثغرات ضمن الجماعة الإسلامية، بمعنى أن حشداً منها قد تتم استمالته في لحظة من اللحظات باتجاه جنبلاط، الأمر الذي يعني تحصيناً لبعض المرشحين ضمن اللائحة التي يدعمها، وعلى الأغلب المرشح عن المقعد الدرزي مروان حماده الذي سيتم تجيير الأصوات التي كانت محسوبة على النائب نعمة طعمة باتجاهه، في حين أنه سيحظى أيضاً بأصواتٍ كانت تصبّ للنائب تيمور جنبلاط.