كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: حين يرفع حزب الله لهجته السياسية ضد معارضيه وهو واثق من فوزه، فإنه بذلك يحدد سقف المرحلة السياسية بعد الانتخابات، وكأن التسوية التي سيبرمها هي تسوية الطرف الواحد، وبين حلفائه ومن ضمنهم، كما فعل قبل الانتخابات. في هذه التسوية، لا مكان للحريري أو المستقبل، ولا للمعارضة المنقسمة أجزاء متفرقة، والتي تدخل الانتخابات تحت شعار مواجهة الحزب.
بعض غلاة المعارضة يجنحون نحو القول إن غاية حزب الله الأساسية هي فوز نيابي ساحق تمهيداً لحكومة لون واحد وانتخابات رئاسة جمهورية لمرشح قوى 8 آذار. لكن ثمة أصواتاً تحاول عقلنة هذا الخيار. فحزب الله، بعد الدوحة والثلث المعطل، كان يتحدث عن ثلث في حكومة جامعة بطبيعة الحال وليس حكومة لون واحد يضمنها كاملة، وتدين له بالولاء. وفكرة الثلث المعطل مرتبطة بحكومة وفاق وطني وليس بحكومة أكثرية. وحساباته هنا مختلفة عن حسابات التيار الذي يريد قضم الحصص النيابية والحكومية والثلث المعطل كما حاول فعله في حكومة ميقاتي الحالية.
وقبل أشهر قليلة من نهاية العهد، يعرف الحزب أن المواجهة ستكون كبيرة ومباشرة بين خيارين، لكنه مع كل «فائض القوة» الذي يعبر عنه مراراً، لا يمكن استبعاد الحكومة المشتركة، إذا كان قادراً على فرض إيقاعه من خلالها من دون أن يتحمل الأعباء التي سترتد عليه إقليمياً ودولياً مع حكومة اللون الواحد. وحتى لو علت لهجته حالياً ضد قوى أساسية كما سبق أن عارضها منذ عام 2005، فإن تجربة الرئيس نبيه بري في «استدعاء» جميع القوى السياسية إلى انضواء تحت مظلة الحكومة أكثر من مرة، قد تتكرر اليوم. ولا يضير الحزب حالياً، بعد حادثة الطيونة، أن يكرر في صوت عال رفضه للحوار مع القوات أو غيرها، إذا كان لاحقاً سيجلس معها على طاولة واحدة. فما بعد الانتخابات أمر آخر، والاستحقاقات تتطلب بعض الهدوء في التعاطي السياسي مع القوى المعارضة، قبل جلاء مصير الرئاسة والنظام معاً.
السؤال، استطراداً، كيف تتصرف المعارضة التي لا ينبئ مشهد الانقسامات فيها بأنها ستحقق أكثرية، في حال فوز حزب الله وحلفائه واعتماد خيار الحكومة الجامعة. وهل يمكنها في مواجهة استحقاق الدخول في حكومة جديدة، أن تعيد مشهد الانقسامات النيابية الحالية. فيتضاعف تشرذمها من الدخول مشلّعة في الحكومة، فتقدم لحزب الله على طبق من فضة تكريسها مجدداً لدوره فيها، أم تنسحب من الحكومة وتترك الحزب والتيار الوطني يتحملان وحدهما عبء المنحى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المتجه أكثر إلى التدهور.