الإتفاق المبدئي مع الصندوق الدولي: الاصلاحات اولا

8 أبريل 2022
الإتفاق المبدئي مع الصندوق الدولي: الاصلاحات اولا


توصّل الوفد اللبناني المكلف من قبل مجلس الوزراء التفاوض مع بعثة صندوق النقد الدولي إلى اتفاق مبدئي على برنامج تصحيح اقتصادي ومالي تحت إسم” التسهيل الائتماني الممدد”Extended  Fund Facility  مدته أربع سنوات.  

وقد تزامن هذا الإتفاق مع الإعلان الرسمي عن إلتزام كامل من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي باستمرار التعاون مع صندوق النقد الدولي “من اجل اخراج لبنان من كبوته ووضعه على سكة التعافي والحل”، كما تزامن مع الإعلان عن عودة سفيري المملكة العربية السعودية والكويت إلى بيروت، بعد القرار الأخير لكلا الدولتين الشقيقتين للبنان بالعمل لإعادة العلاقات اللبنانية – الخليجية إلى سابق عهدها، ما يعني أن هذا التزامن يؤشرّ إلى مرحلة جديدة تتطلب جدّية من قبل الحكومة أولًا، ومن قبل جميع المكونات السياسية ثانيًا، من أجل الإنخراط في برنامج إصلاحي شامل  لـ”معالجة التحديات المتراكمة، ومن ثم تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي، وإرساء قواعد النمو المستدام والقوي”. وهذا الأمر يتطلب تعاونًا من قبل الجميع في شكل وثيق “لضمان التطبيق السريع لكل الإجراءات المتفق عليها مع الصندوق، بما في ذلك إقرار التشريعات الضرورية، بالتعاون مع المجلس النيابي الكريم، الهادفة إلى إنجاح هذا البرنامج”. 
وقد جاء هذا الإلتزام بالبرنامج الإصلاحي قبل شهر وبضعة أيام من موعد الإستحقاق الإنتخابي، أي قبل أن تصبح الحكومة الحالية حكومة تصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة في حال تمّ التوافق على هذا الأمر في آخر ستة أشهر من إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.  
فالوعود التي سمعها الوفد الرسمي للصندوق من المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم خلال  زيارته وُضعت بالأمس على سكة التنفيذ من خلال الإلتزام اللبناني الرسمي ببرنامج الإصلاحات. 
فهذه المرّة ليست كالمرّات السابقة، لأن الأزمة وصلت إلى مرحلة من التأزيم التي لم يعد مسموحًا تجاهل مفاعيلها.  فإقرار مشروع قانون “الكابيتال كونترول”، ووضع خطة التعافي الإقتصادي، وإقرار مشروع الموازنة العامة، وتعديل قانون السرية المصرفية، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، أمور قد أصبحت من الحتميات.
المطلعون على تفاصيل زيارة وفد الصندوق يجزمون أن نوايا الصندوق صادقة وجدّية، وهذا ما لمسه المسؤولون اللبنانيون عندما تقرر توقيع إتفاق مبدئي مع الحكومة، على أمل أن تنتقل الحكومة، ومعها مجلس النواب المؤلف من كل المكونات السياسية تقريبًا إلى الترجمة العملية للبرنامج الإصلاحي من خلال إقرار القوانين اللازمة الضرورية  تمهيدا لمرحلة التنفيذ.  
ويهدف هذا البرنامج إلى “تحفيز النمو وتوفير  فرص عمل ووضع لبنان على سكة التعافي والنهوض بعدما انكمش الاقتصاد بأكثر من 60% خلال السنتين الفائتتين  وانهار سعر صرف الليرة ووصل التضخم إلى مستويات عالية جداً ووصل مستوى الفقر إلى حد لم يشهد لبنان له مثيلاً في تاريخه الحديث”.ووفق بيان صدر عن نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي فإن هذا الاتفاق “يحتاج إلى موافقة إدارة الصندوق، وكذلك الحكومة اللبنانية ومجلس النواب لا سيما في ما يتعلق بالقوانين الملحة الواجب إقرارها قبل الحصول على موافقة مجلس إدارة الصندوق على البرنامج بشكل نهائي.” 
ويمكن القول أن هذا الإتفاق المبدئي المتزامن مع العودة الخليجية المنتظرة إلى لبنان هو بمثابة تأشيرة دخول إلى أحضان الدول المانحة من بواباتها العريضة، ولكن لكل هذا شروط تحدّد معالم المرحلة التالية في حال إلتزم لبنان بالبرنامج الإصلاحي الذي أعدّه صندوق النقد الدولي بموافقة الوفد اللبناني المفاوض الرسمي. 
فإذا لم يحصل أي تقدّم في هذا البرنامج يبقى هذا الإتفاق حبرًا على ورق. أما إذا إلتزم لبنان بما تعهد به يتمّ الإنتقال إلى مرحلة متقدم… وهكذا دواليك.