على رغم حملات التشكيك بإمكان “تطيير” الإنتخابات النيابية، التي ينتظرها اللبنانيون بفارغ الصبر، وعلى رغم الحملات السياسية العالية السقوف، فإن هذا الإستحقاق الدستوري حاصل في موعده، ولن يحول أي عائق، أيًّا كانت طبيعته، دون حصوله.
فالمشكّكون كثر؛ وكذلك المتضررون.
أمّا المشكّكون فيحاولون بشتى الطرق تصوير الأمور على غير حقيقتها. فيقول البعض مثلًا أن إجراء الانتخابات النيابية عملية محفوفة بمخاطر وصعوبات لوجستية قد تؤدي إلى تأجيلها أو عرقلتها، إذا لم تعمل الحكومة على معالجتها وتذليل العقبات التقنية المرتبطة بإدارتها، منها صرف الاعتمادات اللازمة للهيئة الوطنية للإشراف على الانتخابات، حيث طالبت الأخيرة بصرف 18 مليون دولار، بدل 15 مليونًا، من أجل المباشرة في عملية الإشراف ومراقبة الإعلام والإعلان والإنفاق الانتخابي.
هذه الحجّة سقطت ولم تعد موجودة إلا في خيال هؤلاء المشكّكين، بعدما أصبح المرسوم في طريقه إلى التنفيذ بعدما وقعه كل من وزير المالية ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية.
ولأن حجّة الإعتمادات لم تعد مربحة لجأ المشككون إلى ذريعة أخرى مرتبطة بتأمين التيار الكهربائي في كافة مراكز الانتخاب في كلّ لبنان، أثناء الاقتراع وتحديدًا خلال عمليات الفرز، في ظل أزمة استيراد الفيول المرتبطة بالـ”فريش دولار”.
هذه الذريعة سقطت بدورها لأن وزارة الطاقة، على رغم كل المآخذ على أداء المسؤولين فيها، أبدت كل الإستعداد للتعاون والتنسيق مع البلديات وأصحاب المولّدات.
وبعدما باءت المحاولتان الأولى والثانية بالفشل حاول المشكّكون مرّة جديدة اللعب على وتر الواقع المالي ونتائجه السلبية على موظفي القطاع العام، ويروجّون بأن هذا الوضع سيؤدي إلى إضراب الموظفين العامّين والقضاة في لبنان، في حال عدم موافقتهم على السلفة المالية التي أقرّتها الحكومة، ما يعني عدم تشكيل أقلام اقتراع، والهيئات القضائية المولجة بمتابعة اليوم الانتخابي وعمليات الفرز.
هذا الأمر هو أيضًا قيد المعالجة مما يشير إلى أن ذرائع المشكّكين تتهاوى الواحدة تلو الأخرى.
أمّا المتضررون من إجراء هذه الإنتخابات في المطلق فيحاولون، بعدما تأكدوا حتمية حصولها، تخويف الناس من خلال بث شائعات لا أساس لها من الصحة، ومن بينها أن هذا الإستحقاق سيبقي القديم على قدمه، وأنه لن يحمل أي تغيير، وذلك دفع المواطنين غير الحزبيين، وهم الأكثرية، للبقاء في منازلهم يوم 15 أيار عدم المشاركة في عمليات الإقتراع.
لكن رغبة الناس في التغيير، وعلى رغم أن المجتمع المدني بتشرذم لوائحه وتعدّدها قد قدّم لأحزاب السلطة خدمة لا تّقدر بثمن، ستبقى أقوى من رغبات المشكّكين والمتضررين والداعين إلى المقاطعة. وآخر ما سمعناه في المجال التشكيكي أن عدم إعتماد “الميغاسنتر” قد ينعكس تراجعًا في الإقبال على المشاركة في الإقتراع.
وفي قراءته حول عدد اللوائح الـ103 مقارنة مع دورة العام 2018، يرى الأسعد أن “ارتفاع عدد اللوائح، لا يشير بالضرورة إلى تعزيز نسب المشاركة في الانتخابات رغم الحماسة اللافتة، أو تطوّر مفهوم وثقافة الديموقراطية لدى المواطنين، بل هي مرتبطة بجملة عوامل، منها توزيع خارطة القوى السياسية، وانكفاء البعض منها وانسحابه من المعركة الانتخابية كتيّار المستقبل، الذي فتح المجال أمام العديد من الطامحين في أوساطه للوصول إلى الندوة البرلمانية، بالترشّح وتشكيل اللوائح كدائرة الشمال الثانية التي شهدت أعلى نسبة بـ11 لائحة”، وأضاف أن “أحزاب السلطة التي خاضت الانتخابات الماضية، استفادت من خبرتها السابقة وكيفية إدارتها للتحالفات والعملية الانتخابية وتشكيل لوائح جديدة”. وردًّا على سؤال حول مشاركة النساء الـ118 اللواتي انضوين في اللوائح الانتخابية، أجاب: “هذا التطور يندرج ضمن السياق التصاعدي لتعزيز دور ومشاركة المرأة في الحياة السياسية وصناعة القرار، غير أن هذا الرقم لا يعكس الواقع الحقيقي لجميع المرشّحات، حيث أن التحدّي الأساسي، هو في إمكانية وصول المرأة إلى المجلس النيابي بقوتها الذاتية وليس لأنها منضوية في حزب سياسي أو مدعومة منه”.